العدد 35| %60 من الرواتب يضاعف مديوينة الحكومة ويهدد ديمومتها ويشل الدورة الاقتصادية
 
 
العدد 35| %60 من الرواتب يضاعف مديوينة الحكومة ويهدد ديمومتها ويشل الدورة الاقتصادية
 
 
فقدان القدرة الشرائية للموظفين يتسبب في الركود التجاري والتضخم الاقتصادي ويحد من العملية الإنتاحية

 

خاص بـ”الحدث”

يعتمد الاقتصاد الفلسطيني إلى حد كبير على رواتب القطاع العام والنفقات التشغيلية التي تعتمد بنسبة 70% على المستحقات المالية الضريبية التي تحتجزها إسرائيل والتي تقدر بنحو 150 مليون دولار شهرياً، لذلك نجد أن صرف 60% فقط من تلك الرواتب يعني أن الدورة الاقتصادية الفلسطينية تخسر 40% شهرياً من تلك الرواتب، الأمر الذي يتسبب في ركود الحركة التجارية وتضخم وتكدس في مخرجات العملية الإنتاجية، وهذا من المؤكد يلحق خسائر فادحة من الصعب حصرها بالاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته ومكوناته. وما يزيد الطين بلة أن حجم التضخم في النفقات الحكومية وصل 70%.
وعلى الرغم من طفرة التوقعات الإيجابية التي أشارت لها سلطة النقد في تقريرها الخاص بتنبؤاتها الاقتصادية للربع الأول من العام الحالي، فإن تلك الإيجابية، إن تحققت، مرهونة باحتمال انتهاء أزمة احتجاز إيرادات المقاصة (إيرادات الضرائب والجمارك) بعد الانتخابات الإسرائيلية، لكن المؤشرات الأخرى تؤكد عكس ذلك إذ أن نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد الوطني أعلن أن الحكومة ستبقى تصرف 60% من رواتب موظفي القطاع العام حتى شهر تموز القادم، وهي تقديرات تحمل في مضمونها اشتداد الأزمة التي تسببت في تراجع مستويات الطلب الكلي والإنتاج خلال الشهرين الماضيين إثر التأخر في صرف رواتب الموظفين الحكوميين (تم صرف حوالي 60% منها فقط للشهر الثالث على التوالي).
وتزداد مستويات التشاؤم ارتفاعاً إثر تخوفات أصحاب المنشآت الصناعية من انخفاض مستوى الإنتاج للأشهر القادمة، إضافة إلى ذلك تخوّفاتهم من تزايد انخفاض مستوى الاستهلاك الخاص في ظل أزمة رواتب موظفي القطاع العام وشح السيولة النقدية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومما لا شك فيه أن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية يتردى نحو الأسوأ، والذي تمثل في أزمة الرواتب التي لها أثر سلبي على الاقتصاد لأنها المورد الوحيد لتنشيط العملية التجارية والقدرة الشرائية للموظفين، ولذلك انعكاسات كبيرة على مجمل الأوضاع الاقتصادية.
صرف 60% من الراتب يؤثر على الدورة الاقتصادية بشكل كبير لأن السوق يفقد مبلغاً كبيراً جداً مما يؤثر على عمل الجهاز المصرفي والبنوك والقطاع الخاص والموردين، وبالتالي على استهلاك المواطن الذي أعاد ترتيب أولوياته، فبلا شك لذلك تأثير كبير على الدورة الاقتصادية بكاملها.
لكن هذا الجزء علينا النظر إليه ضمن النضال الوطني، فالموضوع الاقتصادي لا يمكن فصله عن النضال الوطني العام وما نعمل به، والإجراء الذي تسبب في توقيف المستحقات المالية للسلطة هو لأننا لجأنا إلى منظمات دولية، وهذا برنامج سياسي نؤكد تمسكنا به مهما كانت النتائج على المستوى الاقتصادي، وبالتالي نحن مصممون عليه، صحيح أن فيه معاناة لشعبنا ولكن شعبنا تحمل أموراً أصعب من ذلك.
لا بوادر حل لأزمة إعادة أموال الضرائب
وأكد نائب رئيس الوزراء، وزير الاقتصاد الوطني د. محمد مصطفى، أنه لا بوادر حل لأزمة إعادة أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطيبنية في القريب العاجل، وبالتالي فإن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة ستستمر عدة أشهر حتى يتم تحويل أموال الضرائب.
ولذلك نجد د. مصطفى يطالب الدول العربية الالتزام بتعهداتها المالية في إطار شبكة الأمان المالي العربية وتقديم دعمها النقدي فوراً، نظراً لصعوبة الظروف التي تمر بها السلطة الوطنية، معرباً عن أمله في التمكن من معالجة الوضع. في الوقت الذي دعا فيه العالم شعوباً وحكومات لممارسة ضغوطاتهم على نتنياهو بعد فوزه في الانتخابات الإسرائيلية لوقف أعماله العنصرية والإجرامية ضد شعبنا ومقدراته المالية والطبيعية.
انخفاض الناتج المحلي بما يعادل أربعة أضعاف المبلغ
ويتفق د. عاطف علاونةالخبير المالي، مع غيره حول الأثر السلبي لصرف 60% فقط من الرواتب للشهر الثالث على التوالي على الدورة الاقتصادية والمالية، لأنها إنفاق على مشتريات وسلع قائلاً: “ونحن هنا نتحدث عن انخفاض في الإنفاق الشهري بمقدار ٣٥٠ مليون شيكل، أي بما مجموعه مليار شيكل حتى تاريخة، وحسب نظرية المضاعف فإن ذلك سوف يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي على المدى الطويل بما يعادل أربعة أضعاف المبلغ بسبب تدني الطلب، وبخاصة على السلع المحلية، أما إذا كان الانخفاض في الطلب على السلع المستوردة يكون الأثر السلبي أقل”.
وقال علاونة: “انخفاض السيولة من أيدي المستهلكين هو الذي يتسبب في انخفاض الإنفاق، ولكن يمكن أن يعوض المستهلكون انخفاض الدخل من خلال تقليص التوفير أو تسييل الودائع أو بيع الأسهم، فالعملية معقدة وكل مستهلك يبحث عن حل لمشكلته بسبب انخفاض الدخل وعدم صرف الرواتب، وهنا يتوقع من بعض الناس التوجه إلى الاقتراض من الأهل أو البنوك، وفي النهاية فإن الأثر سلبي على الإنتاج المحلي والبطالة والضرائب”.
تزايد أعداد الشيكات الراجعة ضاعف الأعباء على أصحابها
وأوضح علاونة أن هذا الوضع، تسبب أيضاً في ارتفاع أعداد الشيكات الراجعة، لأنها بلا رصيد، الأمر الذي يزيد من الأعباء أعباء إضافية كبرى على المواطن وقدرته الشرائية وعلى السداد، فما هي الإجراءات التي يمكن اتباعها في مثل هذه الحالة من قبل الجهاز المصرفي وسلطة النقد؟”.
ويؤكد أن هذه الظاهرة هي تحصيل حاصل لعدم تلقي الموظفين رواتبهم كاملة، فكل شخص متاثر بالوضع سواء كان موظفاً أو تاجراً وكل له طريقته في الاجتهاد في محاولة حل مشكلته، فمنهم من ينجح ومنهم يفشل، وإن كان أعطى شيكات آجلة ولم يتمكن من تسديدها فسوف ترجع لتزيد من وضعه سوءاً، عبر الاقتراض المتزايد، والودائع الي تسحب، والسلع المعمرة، والأراضي والأسهم التي تباع، مما يشكل ضغطاً على البورصة وأسعار الأسهم، وهذا سبب من أسباب الهدوء الذي تشهده البورصة حالياً.
مضاعفة وتنوع مديونية الحكومة يهدد ديمومتها
ويؤكد علاونة أنه في ظل غياب الضرائب التي تحتجزها إسرائيل، فإن الاقتصاد الفلسطيني كله يتأثر، لذلك هناك محاولة لإضعاف السلطة مع سبق الإصرار لضربها، مبيناً أن على السلطة التزامات تقدر بـ 300 مليون دولار شهرياً كمصاريف تشغيلية وفاتورة رواتب ومشاريع، لكنها غير قادرة على توفير سوى ما بين 80 إلى 100 مليون دولار عن طريق الموارد الداخلية فقط.
وإشار إلى أن مديونية السلطة تقدر بحوالي 5 مليار دولار شملت البنوك ورواتب السلطة وصندوق التقاعد، بالإضافة إلى 40% بقية رواتب الموظفين على مدى شهرين، حيث تدفع السلطة عليها فوائد مبلغ يترواح ما بين 60 إلى 75 مليون دولار سنوياً، في حين أنه يقدر الديون طويلة الأجل الخارجية بأنها لا تتعدى مليار دولار.
الموظفون يعيشون ضائقة مالية خانقة
ولا يختلف د. حازم شنار، وكيل مساعد وزارة الاقتصاد الوطني مع من سبقه في التحليل، ويرى أن رواتب الموظفين هي محرك رئيسي للاقتصاد الفلسطيني وللسوق، مؤكداً أن حركة السوق تأثرت بنفس النسبة إن لم تكن أكثر، فالركود الاقتصادي مشهود وواضح في السوق، خصوصاً على السلع الكمالية وحتى بعض السلع الأساسية التي يتعذر على صغار المستهلكين اقتناؤها، وأصبح كثير من الموظفين يعيشون في ضائقة، خصوصاً من لديهم التزامات دورية مثل القروض والإيجارات ورسوم الدراسة، وتأثيراتها على قدرته الشرائية وإمكانياته المعيشية، الأمر الذي تأثر معه وبه الكثير من أصحاب الأعمال من تجار وصناع ومزارعين.
ويؤكد شنار، أن صغار الموظفين مثل رجال الأمن وأفراد الشرطة ذوو دخل محدود، وبالكاد يكفيهم، خصوصاً الذين يعيلون أسراً وعائلات كبيرة العدد، فإن انخفاض رواتبهم يجعلهم يقلعون عن شراء المواد الاستهلاكية ويتوجهون نحو ابتياع سلع أقل كلفة.
عجز قدرتهم الشرائية خفض السيولة النقدية
وحسب كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تطرق لها رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات سنقرط العالمية، عضو مجلس إدارة مركز “بال تريد” مازن سنقرط، فإن موظفي القطاع العام المدنيين والأمنيين البالغ عددهم حوالي 170 ألف شخص يعيلون بالمعدل حوالي مليون فرد، وبالتالي عندما تنخفض رواتبهم 40% بالمتوسط بلا شك سيكون لذلك تأثير كبير، لأن نسبة كبيرة من هؤلاء الموظفين مقترضون من البنوك، وهذا سيشكل عجزاً كبيراً في قدرتهم الشرائية، مما سيخفض السيولة النقدية في داخل السوق الفلسطيني، وبالتالي ستؤثر تأثيراً مباشراً على القدرة الشرائية لدى المحلات، وبالذات للسلع الأساسية كالمواد الغذائية والمواصلات والسكن والتعليم.
ويرى سنقرط، أن المؤشرات تؤكد أنه من الممكن أن نذهب بهذا الوضع إلى حوالي ثلاثة أشهر أخرى، وبالتالي سيزداد الوضع سوءا في الأشهر القادمة، خصوصاً أن ذلك أثر تأثيراً كبيراً حتى على الموازنة الفلسطينية وعدم قدرة السلطة على وضع موازنتها، ولن تستطيع السلطة تنظيم ذاتها، وبالذات قدرتها المالية في قضية الواردات والنفقات.
وأمام هذا الوضع يؤكد سنقرط اضطرار الموظفين للجوء إلى الاستدانة من أصحاب البقالات ومن أصحاب المواصلات الداخلية وأماكن العمل. لافتاً إلى أن الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار كان له بالغ التأثير على الموظفين المقترضين من البنوك، وعلى بعض الواردات.

- See more at: http://alhadath.ps/article.php?id=cc0e22y13372962Ycc0e22#sthash.QyfbWMUN.dpuf

 
 

أضف تعليقك