رام الله: مختصون يدعون إلى إعداد خطة طويلة المدى لترسيخ أسس التنمية الإقليمية اللامركزية
 
 
رام الله: مختصون يدعون إلى إعداد خطة طويلة المدى لترسيخ أسس التنمية الإقليمية اللامركزية
 
 

رام الله: مختصون يدعون إلى إعداد خطة طويلة المدى لترسيخ أسس التنمية الإقليمية اللامركزية

 

 

رام الله ـ الحياة الاقتصادية ـ ابراهيم أبو كامش ـ أجمع وزراء تخطيط سابقون ومختصون على ضرورة إعداد خطة طويلة المدى وضمن إطار زمني معقول لترسيخ أسس التنمية الإقليمية اللامركزية والنظام الإداري اللامركزي الضروري لتنفيذها، بما يتيح التركيز على خصوصيات الأقاليم والارتقاء بمستوى معيشة جميع المواطنين.
وشدد المشاركون في الورشة التي عقدها أمس معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لمناقشة دراسة بعنوان: إطار قانوني للتخطيط التنموي الفلسطيني، في قاعة المعهد برام الله، على ضرورة التدرج في الانتقال من منهج التخطيط الوطني المركزي المعمول به حاليا إلى منهج التخطيط الوطني الإقليمي اللامركزي.
وعرض نتائج الدراسة مدير عام “ماس”د. نبيل قسيس، وعقب عليها كل من وزير التخطيط السابق د. علي الجرباوي، والأسبق الذي يشغل حاليا مدير ابحاث معهد “ماس” د. سمير عبد الله، بمشاركة وزير التخطيط الاسبق د. سمير أبو عيشة، ووزير الاقتصاد الوطني د. جواد ناجي، ووزير النقل والمواصلات د. نبيل الضميدي، ووزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات د. صفاء ناصر الدين وعدد من ممثلي المؤسسات الرسمية والاهلية.
وقال د. قسيس، إن غياب النقاش الجدي والموضوعي حول اللامركزية أدى إلى إغفال متطلب مسبق أساسي لترشيد التخطيط، ألا وهو إصلاح الهيكلية الإدارية التي سيتم ترشيد عملية التخطيط في سياقها بحيث ترتكز إلى المنهاج الإقليمي اللامركزي. كذلك، بقي دور ومهام المؤسسة المعنية بالتخطيط وبتنفيذ برنامج الترشيد، أي وزارة التخطيط (والتنمية الإدارية)، مرتبكا من حيث غياب القانون والأنظمة التي تحدد تلك المهام بوضوح وتزيل الغموض والتضارب في الصلاحيات مع بعض الوزارات الأخرى.
وأشار قسيس، إلى بروز مؤشرات تضع علامة استفهام على توجهات جهات صنع القرار بخصوص استمرارية وزارة للتخطيط كوزارة مركزية، مثل تعديل مسماها أكثر من مرة، ثم محاولة دمجها بوزارة المالية، ثم تخفيض مستواها إلى “وزارة دولة”، وتراجع دورها في مجالي الإصلاح الحكومي وترسيخ الأساس الإداري للسلطة التنفيذية (هيكلية الإدارة العامة)، فأصبح دورها مقتصراً على التواصل مع الجهات المانحة في مجالات معينة وعلى إعداد الخطط التنموية الثلاثية دون أن تملك صلاحيات تمكنها من تنفيذ خططها على الوجه المطلوب.
وأكد أن الدراسة لا تحاول الخروج بمسودة للقانون أو للتشريعات الضرورية بل تكتفي بتحديد إطار قانوني مناسب يمكن أن يستخدمه المشرع في صياغة القانون والأنظمة اللازمة. لتحقيق ذلك.
وشدد قسيس على أهمية وجود المؤسسة القادرة على متابعة تنفيذ القرارات والخطط والمشاريع من خلال أطقم مدربة تقودها جهة مسؤولة لديها الصلاحيات الضرورية، كأحد المتطلبات الأساسية لنجاح التخطيط التنموي طويل المدى إعدادا وتنفيذا ومتابعة. ولا يعتمد الأمر فقط على مركز المؤسسة، وزارة كانت أو مجلس قومي للتخطيط، بل على كل الجهات التي تشارك أو يجب أن تشارك في إعداد الخطط وتنفيذها من وزارات ومؤسسات حكومية، ومحافظات وبلديات ومجالس قروية، ومؤسسات غير حكومية من القطاع الخاص والقطاع الأهلي أو المجتمع المدني. لذلك، فإن وضع خطة طويلة المدى يحتاج إلى إطار لا يتوفر حاليا ولا يعتمد نهج الوصفة الجاهزة بل نهج التعلم أثناء التنفيذ. بالتالي، يجب إيجاد إطار قانوني ملزم، يصبح بالإمكان من خلاله تنظيم جهد على هذا القدر من الحجم والتعقيد، والذي ستنبثق عنه الخطط متوسطة المدى.
وأوضح ان الهدف المباشر لهذه الدراسة هو صياغة إطار لقانون يحكم عمل الجهة المشرفة على هذه العملية (أو مؤسسة التخطيط) وآخر لتشريع ينظم عملية التخطيط.
ودعا قسيس الى ضرورة أن يحتوي الإطار القانوني للتخطيط الفلسطيني على الآليات التي بإمكانها أن تستمر لفترة طويلة إلى أن تنضج، مع التأكيد على عنصر الإرادة السياسية التي لا تأتي بنص قانون بل من قيادة قادرة تدرك احتياجات البلد وتعقد العزم على تحقيق أهدافه التنموية، على أن يصاحب ذلك عملية تربوية شاملة، تهدف إلى بناء مجتمع له تطلعات عالية، وقادر على تنظيم نفسه (من خلال مجتمع مدني نشط وفاعل)، وضبط أدائه على إيقاع المصلحة الوطنية العليا دون توجس من التغيير حيث يلزم.
وتؤكد الدراسة على ضرورة التدرج في الانتقال من منهج التخطيط الوطني المركزي المعمول به حاليا إلى منهج التخطيط الوطني الإقليمي اللامركزي، مروراً بمرحلة التخطيط الوطني/الإقليمي المركزي والتخطيط الإقليمي المركزي، مع البناء في المراحل الانتقالية على أجسام تُنشأ لهذا الغرض.
من ناحية مؤسسة التخطيط، توصي الدراسة بسن قانون ينص على صلاحيات واضحة للمؤسسة وأن يقتصر دورها على قيادة عملية إعداد الخطة التنموية ومتابعة تنفيذها، بشرط أن تكون مزودة بصلاحيات تمكنها من متابعة وتنسيق إعداد وتنفيذ الخطط في الوزارات والمؤسسات المختلفة، سواء على المستوى المركزي أو المحلي. ولهذا الغرض، يجب أن يكون لمؤسسة التخطيط صلاحية التدخل في تخصيص الموارد المالية بما يساعد في تنفيذ الخطة.
واقترح د. قسيس ضرورة أن تكون مؤسسة التخطيط غير وزارة، بل مفوضية، تعمل تحت إشراف هيئة وطنية تعمل كمؤسسة دولة (مجلس قومي للتخطيط التنموي) يزودها بالدعم السياسي والمعنوي والمادي اللازم، ويناط بها الصلاحيات الكفيلة بنجاح إعداد الخطة التنموية، دون مبالغة في هذه الصلاحيات، مع الابتعاد عن التدخل في عمل الوزارات والمؤسسات، ولكن مع صلاحية التأكد من أن الوزارات والمؤسسات تقوم بدورها.
واكد وزير التخطيط السابق د. علي الجرباوي أن عملية التنمية في فلسطين تعاني من شرذمة هائلة ومن تعدد الأطراف المشاركة فيها، محملا المسؤولية لكل من المانحين والمتلقين للتمويل، منوها الى ان وزارة التخطيط تعمل في غياب قانون ينظم عملها، وما زالت تبحث عن موقعها وصلاحياتها، وهي أيضا تتنافس وتتنازع مع مؤسسات حكومية ومع القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وقال الجرباوي: إن التخطيط على أساس الإقليم يحتاج إلى قدرات، ونحن في التخطيط المركزي نعاني من ضعف القدرات، ونحتاج إلى قدرات للوصول إلى هذه المرحلة من التخطيط على أساس الإقليم، ومن دون وعي وثقافة بهذا الموضوع تشعل الصيغة التي تطرحها الدراسة تنافسا بين الأقاليم، ويمكن أن يستغل التخطيط الإقليمي لمصلحة فئات محددة.
وانتقد د. الجرباوي التركيبة المعقدة التي اقترحتها الورقة لاستحداث مؤسسة تخطيط متخصصة لإعداد الخطط ومتابعتها، مقترحا بقاء وزارة التخطيط مع صياغة قانون لعملها ويمكن أن تكون وزارة دولة تابعة لرئاسة الوزراء مباشرة.
ولم تختلف في رأيها وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات د. صفاء ناصر الدين مع رأي الجرباوي وبخاصة فيما يتصل بالتمويل والمانحين.
بينما دعا وزير التخطيط الأسبق د. سمير أبو عيشة إلى ربط الخطط التنموية المحلية والإقليمية ببعضها البعض وأيضا ربطها بصورة قطاعية، كذلك ربط التخطيط بالموازنة العامة، ومصادقة المجلس التشريعي بعد عودته للحياة على الخطط الاستراتيجية التنموية، مع إعادة النظر بعدد المحافظات، منوها الى ضرورة الاستفادة من تجربة صندوق البلديات، حيث تم بناء خطط إستراتيجية تتناغم مع قدرة المجالس المحلية والبلدية.
لكن وزير الاقتصاد الوطني د. جواد ناجي اكد على الارتجالية في التخطيط وقال:” لم ألمس حتى اللحظة أي خطة تنمية شملت بعض المشاريع السيادية والتي تشكل المدخل الأساسي لعملية التنمية خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الرأسمالية“.
أما وزير النقل والواصلات د. نبيل الضميدي فدعا الى إعادة النظر بالتخطيط لفلسطين، وبناء المخطط لكل إقليم على أن يخرج بقانون. ويرى ان عملية التنمية القائمة على اللامركزية تتطلب الاتفاق على مساحات الإقليم، وقال:”يجب أن تكون هناك نظرة سياسية شاملة لتخطيطنا تبدأ من فكرة السيطرة والسيادة على الأرض“.

 
 

أضف تعليقك