رام الله: جلسة طاولة مستديرة في “ماس” حول التأثيرات والأبعاد الاقتصادية لحركة مقاطعة إسرائيل
 
 
رام الله: جلسة طاولة مستديرة في “ماس” حول التأثيرات والأبعاد الاقتصادية لحركة مقاطعة إسرائيل
 
 

رام الله – “الأيام”: نظم معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني “ماس” في مقره برام الله، أمس، جلسة طاولة مستديرة حول التأثيرات والأبعاد الاقتصادية لحركة مقاطعة إسرائيل.
وناقش المشاركون في الجلسة الإنجازات التي حققتها حركة المقاطعة، وتأثير ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي، وأدوار الجهات المختلفة ومساهماتها الحالية والمطلوبة لإنجاح الجهود التي تقوم بها حركة المقاطعة.
وأكد المشاركون ضرورة صياغة رؤية شاملة ومتفق عليها لتوجهات النضال الوطني الفلسطيني وأدواته والتي من بينها حركة المقاطعة لإسرائيل على مختلف الأصعدة الأكاديمية والثقافية والاقتصادية. ومن ثم حشد الدعم المحلي والدولي لإدانة الممارسات الإسرائيلية العنصرية والاستعمارية بحق الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم، وترجمة التأييد العالمي من خلال تفعيل وتعزيز المقاطعة بأشكالها المختلفة، وحث الشركات العالمية على سحب استثماراتها من إسرائيل والسعي لفرض عقوبات على إسرائيل.
كما أشار المشاركون إلى أهمية التركيز على الجانب القانوني في تعريف الممارسات الإسرائيلية ووسمها بالعنصرية. ومن المهم أيضاً عدم المبالغة في تقدير الإنجازات المتحققة جراء المقاطعة لإسرائيل، بل أن يتم الوقوف على الإنجازات المتحققة بموضوعية ومن ثم البناء عليها، وحث الأطراف المحلية والدولية لتأخذ دورها في كشف الممارسات الإسرائيلية ومقاطعة الشركات الإسرائيلية التي تدير أنشطة لها في المناطق المحتلة.
وقدم المداخلات الرئيسية كل من عمر البرغوثي العضو المؤسس لحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، ود. سامية البطمة مديرة برنامج دراسات التنمية في جامعة بيرزيت، وإبراهيم برهم ممثلاً عن القطاع الخاص، وعصام مخول، مدير عام مركز اميل توما في حيفا معبراً عن وجهة نظر المؤسسات الفلسطينية في الداخل.
وتميزت الجلسة بمشاركة نوعية ضمت نخبة من المسؤولين والخبراء الاقتصاديين والأكاديميين والقانونيين وممثلي المؤسسات العامة والأهلية والقطاع الخاص.
وأدار الجلسة مدير البحوث في “ماس”، د. سمير عبد الله، واستهلها بطرح الأسئلة الرئيسية التي سيتركز النقاش حولها وهي: كيف يمكن تحويل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إلى رافعة فعالة من روافع النضال الوطني الفلسطيني لإنهاء الاحتلال؟ وما هي الأهداف المحددة التي نسعى لتحقيقها؟ هل هي الرغبة في محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للحقوق الفلسطينية، وإظهار صورتها الحقيقية في المحافل الدولية أم تجنيد الرأي العام العالمي والتضامن مع المطالب الفلسطينية، أم التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، أم العمل بالتوازي على تحقيق جميع الأهداف السابقة؟ وما هي البلدان الأجنبية والقطاعات والفئات التي يجب استهدافها فيها؟
وشرح البرغوثي في مداخلته المرتكزات الرئيسية للحملة والمتمثلة بالقضاء على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي المركب ضد الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده في الأراضي المحتلة وداخل الخط الأخضر وفي الشتات.
وأضاف، يمكن ترجمة هذه الأهداف من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وإنهاء التمييز العنصري ضد الفلسطينيين في الداخل، والإقرار بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم.
وأشار البرغوثي إلى أن هذه الأهداف لا تحمل أي طابع سياسي أو أيديولوجي، مستندة إلى الحقوق المشروعة وليس إلى الحلول السياسية، الأمر الذي ساهم في حشد الدعم الدولي لحركة المقاطعة وتعظيم إنجازاتها. وأورد البرغوثي أمثلة كثيرة على الإنجازات المتحققة في مجال المقاطعة لإسرائيل على الصعيدين الأكاديمي والثقافي. واستشهد بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين وتخوفاتهم من النجاحات التي حققتها حركة المقاطعة.
بدورها، استعرضت البطمة التداعيات الاقتصادية للمقاطعة على إسرائيل، مشيرة في هذا السياق إلى قلق المؤسسة الإسرائيلية من إمكانية نجاح المقاطعة في استنساخ تجربة جنوب إفريقيا في مقاومة الفصل العنصري وتحقيق إنجازات مماثلة لما تحقق هناك.
وبينت البطمة أن التأثيرات الاقتصادية على إسرائيل تبدو أكبر في ظل انكشاف الاقتصاد الإسرائيلي واعتماده على تعاملاته مع العالم الخارجي، سواء ما يتعلق بالجانب التجاري أو في مجال الاستثمارات المشتركة.
ونوهت إلى أن الإحصائيات المرتبطة بالضرر الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي مهمة، ولكن الأهم هو الدلالات المترتبة على تنامي التوجه العالمي نحو مقاطعة إسرائيل وعزلها في الجانبين التجاري والاستثماري.
أما على الانعكاسات الاقتصادية للمقاطعة على الجانب الفلسطيني، فأجملتها البطمة بتحقيق مستويات نمو مرتفعة، وضخ مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد الفلسطيني لتعزيز الإنتاج الوطني وإحلال الواردات من المنتجات الإسرائيلية، وانعكاس ذلك على خلق عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة في المشاريع والاستثمارات المتوقعة.
من جانبه، عرض برهم رؤية مؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني، ودوره في تعزيز الإنجازات المتحققة، والاستفادة من المزايا المترتبة على المناخ الإيجابي المصاحب لحملة المقاطعة.
وعلى هذا الصعيد، أشار إلى التحديات التي تعترض عمل القطاع الخاص الوطني باعتباره مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع الفلسطيني المستهدف بكل فئاته من قبل الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته المعيقة للجهود والمبادرات التنموية، الأمر الذي يخلق منافسة غير عادلة بين المنتج الفلسطيني والإسرائيلي، وتؤدي إلى خلل كبير في الميزان التجاري لصالح المنتج الإسرائيلي.
أما عن دور القطاع الخاص في دعم الحملة، فبيّن برهم أن هذا الدور يأتي في إطار منظومة متكاملة تشترك فيها كل الأطراف وتتوحد فيها الجهود باتجاه تحقيق أهداف وخطة وطنية متفق عليها.
وتبدأ هذه الجهود، وفقاً لبرهم، بتبني وتنفيذ رزمة من السياسات الاقتصادية الكلية، وإطلاق حملة توعية موجهة للرأي العام بأهمية المنتج الوطني وسبل تعزيز حصته من الاستهلاك المحلي، ومن ثم يأتي دور القطاع الخاص في حشد وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية وإيجاد مصادر بديلة للواردات من إسرائيل وخصوصاً من دول الشرق العربي.
بدوره، تحدث مخول، عن أهمية حركة المقاطعة ودورها في التأثير على الرأي العام العالمي.
إلا أنه أشار إلى عدم كفاية المقاطعة كأداة لتحقيق أهداف وطنية شاملة.
ويرى مخول أن المقاطعة يجب أن تكون إحدى أدوات النضال الوطني الفلسطيني وليس رافعة له كما يصورها البعض.
وبيّن أن مرتكزات السياسة الإسرائيلية تجاه المناطق المحتلة تقوم على عقيدة استعمارية، وتسعى لإحداث وإدامة الاختلال في العلاقة مع الجهة الواقعة تحت الاستعمار.
وتساءل عن إمكانية إحداث التغيير المطلوب في هذه المعادلة في ظل استمرار إدارة الصراع بالطريقة الحالية، واستمرار ذات المعطيات المرتبطة بالعون الخارجي المشروط والتحكم الخارجي والابتزاز السياسي للقرار الفلسطيني.
وأشار مخول الى أن استمرار نجاح الحملة يتطلب تركيز الأهداف على كشف الممارسات الإسرائيلية العنصرية والاستعمارية وحشد الدعم الدولي لإدانتها، وعدم حرف هذه الأهداف باتجاه شعارات تساعد محاولات حكومة إسرائيل لتصويرها على انها حركة موجهة لنزع شرعية وجود إسرائيل كدولة لتأليب الرأي العام الغربي عليها، وإضعافها.
وأوضح مخول بأن المشكلة الحقيقية التي يمكن أن تحد من نجاعة حملة المقاطعة، هي تغييب الدور الجماهيري للشعب الفلسطيني، وعدم الاستفادة من الطاقات والإمكانيات النضالية المتراكمة.
وطالب مخول بضرورة التمييز بين التيارات الإسرائيلية اليمينية ذات التوجهات المتشددة والعنصرية تجاه الفلسطينيين، والحركات اليسارية التي تساند القضايا الفلسطينية.
وأشار مخول إلى أن الفلسطينيين في الداخل يناضلون ضد الممارسات العنصرية الإسرائيلية ويقاومون تحول تلك الممارسات إلى نظام أبرتهايد عنصري.
وتخللت الجلسة مداخلات لعدد من المشاركين ركزت بشكل أساسي على البعد الأخلاقي لتنامي حركة المقاطعة لإسرائيل في الداخل والخارج، ومساهمة الجهات المحلية المختلفة بمن فيهم المنتجون والمستهلكون والتجار والمؤسسات الرسمية في تعزيز المكاسب المتحققة من حملة المقاطعة.
وشدد المشاركون على ضرورة تحقيق توافق فيما يتعلق بأهمية حركة المقاطعة وتأثيرها على دعم الاقتصاد الوطني وزيادة التشغيل وتحسين المنتج المحلي.
وطالب البعض بضرورة تبني السلطة، في سياق تعاملها مع المنتجات الإسرائيلية، للمعايير الأوروبية المستندة إلى مقاطعة الشركات الإسرائيلية التي تمارس أعمالها، أو جزءا منها، في المناطق المحتلة باعتبارها أنشطة مخالفة للمعايير والمواثيق الدولية.

 
 

أضف تعليقك