اسرائيل سترفع ضرائبها والفلسطينيون سيدفعون “الثمن”
 
 
اسرائيل سترفع ضرائبها والفلسطينيون سيدفعون “الثمن”
 
 

- اقتصاديون وباحثون يطالبون الحكومة ببلورة خطة للحد من تأثيرات التدابير الاقتصادية الاسرائيلية 
-
عبد الله يدعو أرباب العمل في سائر القطاعات الى بحث سبل تعديل الرواتب لتعويض المستخدمين عن قيمة التآكل وصرف علاوة بدل غلاء معيشة
-
مجلي: الحكومة الإسرائيلية تعتزم طرح موازنة تتضمن زيادة ضرائب القيمة المضافة والمحروقات واستخدام الفحم في شركات الكهرباء 
-
عبد الرحمن يتوقع أن تطال الاقتصاد الفلسطيني تأثيرات متباينة جراء التدابير الاقتصادية الإسرائيلية بعد العدوان على غزة

رام الله – الحياة الاقتصادية – نائل موسى – ابراهيم أبو كامش – حذر د. سمير عبد الله مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني “ماس” ووزير التخطيط الأسبق، من موجة غلاء وشيكة تنتظر الأراضي الفلسطينية، حاثا الحكومة على اتخاذ تدابير لمنع التدهور.
وعزا د. عبد الله في حديث لـ “الحياة الاقتصادية” الموجة الى ارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل الشيقل وباقي العملات، وبفعل سعي حكومة بنيامين نتنياهو لرفع ضرائب في إسرائيل لخفض العجز في الموازنة الإسرائيلية العامة وانعكاسهما المؤكد على الأسعار في الأراضي الفلسطينية.
وتعتزم الحكومة الإسرائيلية طرح موازنة على الكنيست تتضمن زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 19% بدلا من 18%، ورفع ضريبة المحروقات بمقدار 50 أغورة، ورفع الضريبة على استخدام الفحم في شركات الكهرباء ثلاثة أضعاف، ضمن جملة من التدابير المالية والاقتصادية إثر الحرب الأخيرة على غزة، ما يلزم السلطة الوطنية القيام برفع مماثل يمليه اتفاق باريس الاقتصادي.
وقال عبد الله ان رفع ضريبة القيمة المضافة من 16 الى 17% يعني رفعا بنحو 5% على أسعار المقيّمة اثمانها بالدولار، اضافة الى الرفع الناشئ عن رفع المحروقات والوقود والضرائب المباشرة وغير المباشرة في اسرائيل.
وقدر ان يؤدي الرفع المنتظر الى تدهور في الوضع المعيشي وتآكل في قيمة الرواتب والأجور وضعف القدرة الشرائية للمستهلك وغلاء معيشة يصعب التكيف معه في ظل الرواتب الحالية.
ودعا عبد الله الحكومة الى الابقاء على ضريبة القيمة المضافة على حالها والامتناع عن رفعها الآلي الذي يفرضه اتفاق باريس والذي يسمح بفارق نقطتين مئويتين، ورأى ان بوسع الحكومة امتصاص الزيادة المحتملة في أسعار المحروقات كما فعلت سابقا لتخفيف العبء عن المواطن والاقتصاد.
واضاف ان اسرائيل خرقت اتفاق باريس الاقتصادي، وحري بالسلطة الوطنية ان ترد بالمثل مقدرا ان اسرائيل لن تفتعل مشكلة كبيرة على خلفية فارق نقطة مئوية بضريبة القيمة المضافة.
ودعا أرباب العمل في سائر القطاعات الى بحث سبل تعديل الرواتب لتعويض المستخدمين في القطاعين العام والخاص عن قيمة التآكل وصرف علاوة بدل غلاء معيشة لمواجهة التدهور.
وقال ان الضرائب غير المباشرة التي تفرضها اسرائيل على مواطنيها ذات أثر سلبي على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني ولكن الضرائب المباشرة مؤثرة ايضا وتفاقم من المشكلة.
وكان اقتصاديون وباحثون طالبوا الحكومة باعداد وبلورة خطة للحد من تأثيرات التدابير الاقتصادية الاسرائيلية على الاقتصاد الوطني التي تنوي حكومة الاحتلال تنفيذها، خصوصا في موازنة العام 2015، مؤكدين أن قنوات التشابك المتعددة بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي، في الجوانب المختلفة، ستظل عامل توتر ومصدرا للمخاطر والتخوفات بسبب تداعيات الإجراءات والسياسات الإسرائيلية على مختلف مجالات الحياة في المناطق الفلسطينية.
جاء ذلك خلال لقاء الطاولة المستديرة التي عقدها أمس معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني “ماس” حول “التدابير الاقتصادية الإسرائيلية الجديدة إثر الحرب على غزة وتداعياتها على الاقتصاد الفلسطيني” بمشاركة مدير البحوث في المعهد د. سمير عبد الله، ومدير عام الإدارة العامة للسياسات والاحصاء في وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن، والخبير الاقتصادي نظير مجلي، وبحضور ممثلي الوزارات ومؤسسات القطاعين الخاص والأهلي والمراكز البحثية، وذلك في قاعة المعهد برام الله.
وأجمع المشاركون على أن انعكاسات التدابير الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني تزداد حدة وتأثيرا بالنظر إلى الاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني، واستمرار العلاقات الثنائية غير المتوازنة بين الاقتصادين، والإجراءات الإسرائيلية التعسفية ونظام الإغلاق الذي يكبل الاستثمارات الفلسطينية ويرفع تكاليفها، ويعرقل وصول المنتجات الفلسطينية إلى أسواق التصدير وتطوير علاقات تجارية مباشرة.
وأكد مجلي، نية الحكومة الإسرائيلية طرح موازنة على الكنيست تتضمن تقليصا في جوانب الإنفاق وزيادة وإجراءات أخرى لزيادة الإيرادات، بما في ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة من 18 إلى 19%، ورفع ضريبة المحروقات بمقدار 50 أغورة، ورفع الضريبة على استخدام الفحم في شركات الكهرباء ثلاثة أضعاف، ضمن جملة من التدابير المالية والاقتصادية إثر الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وفي معرض حديثه عن التأثيرات المالية المباشرة، أكد مجلي تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر وأضرار مباشرة نتيجة العدوان على قطاع غزة. تمثلت بداية بالتكلفة المالية المباشرة لتمويل العمليات الحربية.
ووفقا لبعض المصادر الإسرائيلية، بلغت تكاليف العدوان حوالي 9 مليارات شيقل تم إنفاقها على الجهد الحربي خلال أيام العدوان. وفي جانب ثان، خصصت الحكومة الإسرائيلية مخصصات مالية استثنائية للأسر الإسرائيلية المتضررة بشكل مباشرة من الحرب، وتحديدا الأسر المقيمة في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة والشركات العاملة بها، بلغ مجموعها حوالي مليار شيقل.
ونفى مجلي وجود احصاءات دقيقة وموثوقة ترصد الخسائر المالية المباشرة للحرب، إذ تعددت مصادر التقدير، وتراوحت الكلفة الإجمالية للأضرار المباشرة بين (6.5 – 9) مليارات شيقل، مشيرا إلى أن تقديرات تكلفة الحرب تخضع للتجاذبات السياسية بين الأحزاب الإسرائيلية وتتأثر بها، إذ تباينت التقديرات بين مؤسستين رئيسيتين في الحكومة الإسرائيلية. وقال: في حين قدر وزير جيش الاحتلال تكلفة الحرب بنحو 9 مليارات شيقل، جاءت تقديرات وزير المالية الاسرائيلي أقل بكثير وبلغت نحو 6.5 مليار شيقل. وتظل التقديرات المتعلقة بهذا الجانب، عرضة للنقاش والتفنيد من قبل المحللين والمختصين، إلا أنها يمكن أن تعطي انطباعا أو مؤشرا عن حجم الضرر والتكلفة الاقتصادية للحرب على قطاع غزة.
وأضاف مجلي: “إن الأمن ما زال يشكل محور الموازنة في إسرائيل، حيث تستأثر الميزانية العسكرية بنحو 65 مليار شيقل من أصل 328 مليار شيقل إجمالي موازنة 2015، وهي أعلى ميزانية عسكرية في تاريخ إسرائيل.
واعتبر مجلي أن جيش الاحتلال هو أكبر الرابحين من الحرب على قطاع غزة، إذ سيحصل على 8 مليارات شيقل إضافية بدلا من 4.5 كانت خصصت له في مشروع الموازنة قبل الحرب.
وأوضح ان هناك توجها استراتيجيا لدى إسرائيل لزيادة الميزانية العسكرية خلال السنوات القادمة، حيث ترتفع إلى 75 مليار شيقل في عام 2016، و81 مليارا في عام 2017، و86 مليار في عام 2018، لتصل إلى 92 مليار شيقل في عام 2019.
وذكر مجلي ان مبيعات الأسلحة الإسرائيلية تصل إلى حوالي 7.5 مليار دولار سنويا، إضافة إلى نحو 4 مليارات دولار خدمات أمنية، مشيرا إلى أن التركيز على الجانب العسكري في الميزانية الإسرائيلية ليس صدفة، وإنما ينعكس على كل جوانب حياة المجتمع الإسرائيلي.
وقال مجلي: “من أجل حسم الجدل الدائر حول تقدير الخسائر والتكاليف المباشرة للحرب، وعلى ضوء الأرقام والتقديرات المتداولة تقدم الجيش الإسرائيلي إلى وزارة المالية بكتاب رسمي يطلب فيه رفع مخصصات موازنة الجيش بمقدار 18 مليار شيقل، ويتكون هذا الرقم من الزيادة الطارئة على موازنة العام الحالي (7 مليارات) إضافة إلى زيادة على موازنة العام المقبل (11 مليارا). وفي حال تم التوافق على هذه الزيادات فإن موازنة الجيش سترتفع في عام 2015 لتصل إلى 70 مليار شيقل مقارنة مع 58.4 مليار شيقل عام 2013“.
من جانبه أكد عزمي عبد الرحمن، تأثر الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير بالتطورات السياسية والأمنية والسياسات الاقتصادية الإسرائيلية، مشيرا الى ان ذلك يرجع إلى تعدد قنوات التأثير بين الاقتصادين، واندراج الاقتصاد الفلسطيني ضمن الغلاف الجمركي الإسرائيلي، إضافة إلى الإطار القانوني الناظم للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والمتمثل باتفاق باريس الاقتصادي، الذي يتضمن العديد من المواد التي تربط السياسة التجارية للفلسطينيين بنظيرتها الإسرائيلية، خصوصا في السياسات الضريبية.
ونتيجة لذلك يتوقع عبد الرحمن أن تطال الاقتصاد الفلسطيني تأثيرات متباينة جراء التدابير الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية بعد العدوان على قطاع غزة، ما يدفع الفلسطينيين باتجاه دراسة التأثيرات المتوقعة لتلك التدابير، حتى وإن لم تقر، والتفكير الجدي في الخيارات والبدائل الممكنة للتحوط من نتائجها السلبية.
من جانبه قال د. سمير عبد الله: “ما إن وضعت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أوزارها، حتى بدأت تتكشف الحقائق والنتائج المرتبطة بتلك الحرب. ويستطيع المتتبع للشأن السياسي، رصد التبعات والتأثيرات السياسية التي طالت الجانب الإسرائيلي وزعزعت صورة إسرائيل لدى الرأي العام العالمي“.
وأضاف: “كما يمكن التوقع بحجم الضرر الذي أحدثته الحرب في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، خصوصا الصعوبات التي واجهتها الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع المقيمين فيما تسمى مستوطنات غلاف غزة. لكن بموازاة التأثيرات السياسية والأضرار على صعيد الجبهة الداخلية، كان هناك تأثيرات متعددة طالت جوانب لا تقل أهمية، وتتمثل أساسا بالجوانب الاقتصادية والمالية“.
وتابع: “يمكن تقسيم تلك التأثيرات إلى جزأين رئيسيين، تأثيرات مباشرة وآنية ترتبط أساسا بالتكاليف المباشرة للعمليات العسكرية والإنفاق الحربي والأضرار المادية، إضافة إلى التأثيرات غير المباشرة (الضمنية) والمتعلقة بتأثير التوجهات الحكومية، المترجمة عبر القرارات والسياسيات، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية في سياق التعاطي مع الأعباء المالية والمصاريف العسكرية الإضافية التي ترتبت على الحرب“.

 
 

أضف تعليقك