توقع الا يحقق الاقتصاد الفلسطيني تعافيا قويا خلال العام الحالي
صندوق النقد الدولي يحذر: لا يمكن للسلطة احتواء أزمة حجز أموال المقاصة لأكثر من عدة شهور
*ترجيح بحدوث انخفاض حاد في الاستهلاك والاستثمار الخاص نظرا لتخفيض مدفوعات الأجور
رام الله – الحياة الاقتصادية- ابراهيم ابو كامش- قال الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في الضفة وغزة راغنار غودمنسون، إنه لا يمكن للجهود القوية التي تبذلها السلطة الوطنية أن تحقق اكثر من احتواء الازمة لبضعة شهور، مشيرا إلى أن قد يتعذر استمرار هذا الموقف مع تزايد مخاطر الاضطرابات الاجتماعية والاضرابات التي يمكن أن تفضي الى حالة من عدم الاستقرار السياسي.
وشدد على أنه يمكن تخفيف المخاطر الكبيرة اذا عجلت اسرائيل باستئناف تحويل ايرادات المقاصة وبادر المانحون بصرف مساعداتهم على نحو مركز في هذه الفترة.
واكد غودمنسون، في محاضرة نظمت امس في مقر معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) بالتعاون مع صندوق النقد الدولي برام الله بعنوان”آفاق الاقتصاد الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وتوقعات الاقتصاد الفلسطيني”، اهمية تركيز مساعدات المانحين في فترة البداية لتوفير ما يلزم من تمويل لسد الفجوة التي احدثها غياب ايرادات المقاصة. وبالنسبة لعام 2015 ككل، وحتى مع افتراض استئناف تحويلات المقاصة في غضون بضعة شهور، فقال”نحن نتوقع فجوة تمويلية كبيرة تتطلب موقفا حذرا على صعيد المالية العامة، مع فرض قيود صارمة على اجور القطاع العام“.
ودعا غودمنسون إلى الحفاظ على التحويلات التي توجه للأسر الفقيرة ومحدودة الدخل، والمساعدات الاجتماعية في غزة، حيث بلغ الوضع الانساني مستوى مأساويا، مشددا على ضرورة وضع تدابير للطوارئ تحسبا لامتداد فترة التوقف عن تسليم ايرادات المقاصة لأكثر من بضعة شهور.
ويتوقع غودمنسون الا يحقق الاقتصاد الفلسطيني تعافيا قويا في عام 2015 بسبب ارتفاع درجة عدم اليقين ووجود العديد من الظروف المعاكسة، ومن ابرزها عدم تحويل اسرائيل ايرادات المقاصة التي تحصلها عن السلع المستوردة إلى الضفة وغزة. وتمثل هذه الايرادات نحو ثلثي الايرادات الصافية وهي ضرورية لميزانية السلطة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني.
ويرجح غودمنسون حدوث انخفاض حاد في الاستهلاك والاستثمار الخاص نظرا لتخفيض مدفوعات الأجور وغيرها من بنود الانفاق العام على النحو الذي استلزمه توقُّف ايرادات المقاصة ووجود قيود على التمويل. وبالاضافة الى ذلك قال” تسير اعمال اعادة اعمار غزة بخطى ابطا مما كان متوقعا، الامر الذي يعكس التقدم غير الكافي في مسار المصالحة الوطنية وعدم وفاء المانحين بما قطعوه من تعهدات. وعلى ذلك، يُتوقع ان يرتفع اجمالي الناتج المحلي الحقيقي ارتفاعا محدودا فحسب في عام 2015، مع حدوث تحسن مقارنة بالمستوى المبدئي المنخفض في غزة وحدوث هبوط في الضفة الغربية بنسبة 2% تقريبا، وان كان الانخفاض الحاد في اسعار النفط يتيح متنفسا لمستهلكي الطاقة. وسيظل النمو محدودا على المدى المتوسط، ما لم يتحسن المناخ السياسي فيؤدي الى رفع القيود في الضفة الغربية وانهاء حصار غزة“.
واشار الى انه تم تحديث الافاق الاقتصادية مع تقييم الانخفاض في اسعار النفط واثرها على البلدان المصدرة والمستوردة للنفط في منطقة الشرق الاوسط.
وقال”تسبب انخفاض اسعار النفط في اضعاف ارصدة الحسابات الخارجية والمالية العامة في البلدان المصدرة للنفط، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي. لكن الهوامش الوقائية الكبيرة وموارد التمويل المتوفرة لدى معظم هذه البلدان ستسمح لها بتجنب تنفيذ تخفيضات حادة في الانفاق الحكومي، مما يحد من الاثر على النمو قريب الاجل والاستقرار المالي.
وشدد على انه يتعين على البلدان المصدرة للنفط التعامل بحصافة مع انخفاض اسعار النفط باعتباره انخفاضا دائما الى حد كبير ومن ثم تعديل خططها لضبط اوضاع المالية العامة على المدى المتوسط للحيلولة دون التناقص الكبير في احتياطياتها الوقائية وضمان تحقيق العدالة بين الاجيال. وبالنسبة لجميع البلدان المصدرة للنفط، فان الاصلاحات الاقتصادية المتعمقة لتنويع الانشطة الاقتصادية بعيدا عن التركيز على النفط الى جانب تشجيع النمو وخلق فرص العمل سوف تسهم في التخفيف من حدة الاثار السلبية على النمو اثناء ضبط اوضاع المالية العامة.
وقال “تحقق البلدان المستوردة للنفط في المنطقة منافع من انخفاض اسعار النفط. وتسجل فواتير استيراد الطاقة انخفاضا، وحيثما انتقلت اثار انخفاض اسعار النفط الى المستخدمين النهائيين، تنخفض تكاليف الانتاج ويرتفع الدخل المتاح للانفاق. ومع ذلك فان المكاسب التي يجنيها معظم البلدان المستوردة للنفط من انخفاض اسعاره توازنها عوامل معاكسة اخرى مثل نمو الطلب المحلي بوتيرة ابطا من المتوقع وضعف افاق النمو بدرجة اكبر من المتوقع في اهم الشركاء التجاريين”. واكد ان انخفاض اسعار النفط يؤدي الى تهيئة اوضاع مواتية لمواصلة تنفيذ اصلاحات الدعم وتكثيف الجهود في تنفيذ الاصلاحات الهيكلية لدعم النمو وتوفير فرص العمل على المدى المتوسط. ومع هذا، ينبغي الا تغالي البلدان المستوردة للنفط في تقدير التاثير الايجابي لتراجع اسعار النفط على اقتصاداتها: نظرا لضعف نمو الطلب من الشركاء التجاريين واجواء عدم اليقين الكثيفة بشان استمرارية انخفاض اسعار النفط وتوافر التمويل الخارجي.