القطاعات الإنتاجية في فلسطين بين الواقع والطموح
 
 
القطاعات الإنتاجية في فلسطين بين الواقع والطموح
 
 

يسعى باحثون ومختصون لتطوير القطاعات الإنتاجية في فلسطين كالصناعية والزراعية والسياحية، عبر بحث أفضل السبل وآليات التدخل، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض وجود حاجة لتطوير البنية التحية والقانونية كشرط ضروري لتطوير تلك القطاعات، يطالب آخرون الجهات المختصة بالتركيز على دعم تلك القطاعات وزيادة مساهمتها في الدخل القومي والناتج المحلي الفلسطيني.

ويرى خبراء، كانوا يتحدثون في احدى جلسات مؤتمر “ماس” الاقتصادي، الذي عقد برام الله يوم الاربعاء، وجوب تحديد سياسات وتدخلات عملية قابلة للتطبيق لكل من القطاع العام والقطاع الخاص، لتطوير هذه القطاعات، باعتبارها القطاعات الأهم في ظل الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومحاولات الاحتلال تدمير تلك القطاعات.

ورأى الخبراء ضرورة خفض الضرائب المفروضة على تلك القطاعات، والعمل على توفير قوانين ناظمه تسهم في تطويرها، ورفع حصتها في الدخل القومي، وبالتالي احداث تنمية حقيقية فيها.

في هذا السياق، قال وزير الزراعة سفيان سلطان: “القطاع الزراعي يعاني الكثير ولا يأخذ الاهتمام المطلوب، ونحن نحاول إدخال زراعات حديدة . هناك مشكلة في الأسواق والتسويق ويوجد محدودية في الأسواق، رغم كل ذلك فالاقتصاد الزراعي هو اقتصاد واعد”.

وبين أن التقارير تشير إلى أن القطاع الزراعي لا يعمل سوى بـ 25% من قدرته، وهذا يؤكد ان القطاع الزراعي يمكن أن ينمو بأكثر من 4 أضعاف في المستقبل، ما يسهم في زيادة الدخل القومي بنحو مليار دولار سنويا، وتشغيل أيدي عاملة تتراوح بين 200-300 ألف عامل وعاملة، لو تم استغلال القطاع الزراعي.

وقال إن القطاع الزراعي يمكن ان يسهم في تطوير الدخل القومي الفلسطيني بشكل كبير جدا، فالقطاع الزراعي الفلسطيني يعتمد على الأرض والمياه.

وتحدث عن خسائر القطاع الزراعي في فلسطين، مشيرا إلى أنها قد تصل إلى نصف الانتاج بسبب إجراءات الاحتلال، وقال: “نحن نعمل من أجل دعم القطاع الزراعي الفلسطيني ودعم صمود المزارع في مختلف المجالات”.

وأضاف: يمكن زراعة مليون شجرة نخيل وزيادة الإنتاج ليصل إلى مليون طن من النخيل بشكل إضافي، وكل هذه المعطيات تؤكد أنه يمكن الاستفادة من امكانيات هذا القطاع، مبينا إن المطلوب هو توفير البنية التحتية للقطاع الزراعي ليتمكن من القيام بالدور المطلوب منه في هذا المجال.

وشدد على اعطاء القطاع الزراعي أولوية في التطوير، لإسهامه في التصدي للاحتلال الإسرائيلي، والحاجة لإنشاء مجالس زراعية وتفعيل صناديق التأمينات وإعفاء المزارعين من الضرائب.

واشار رجل الأعمال، العامل في المجاز الزراعي، إبراهيم دعيق، الى وجود حاجة لإعادة ترتيب العلاقة بين كافة العاملين في القطاع الزراعي من المؤسسات الرسمية والخاصة تحقيقا للمصلحة العامة، موضحا أن فكرة تنفيذ المجالس الزراعية تصب في هذا الهدف، لكن لغاية الآن لم يصدر قانون ينظم عمل هذه المجالس.

وقال إن هناك حاجة لمأسسة عمل العاملين في القطاع الزراعي بشكل يخدمهم جميعا، والخروج من حالة التخبط في القوانين الزراعية واعتبارها رزمة واحدة وإصدار أنظمتها بشكل يخدم المزارعين، وكذلك إعفاء المزارعين من ضرائب الدخل، وأن يشمل الاعفاء الفترة السابقة.

ودعا إلى إشراك القطاع الخاص في صندوق درء المخاطر وصندوق التأمينات الزراعية في فلسطين، “وليس معقولا أن يسمع المزارعون عن هذه الصناديق في الإعلام، بل يجب أن يكونوا جزءا من تأسيها ويشاركوا في وضع أسسه”.

 القطاع الصناعي: تحديات كبرى وفرص للمستقبل

وفيما يتعلق بواقع القطاع الصناعي، قال رجل الاعمال ووزير الاقتصاد الأسبق باسم خوري، إن قطاع الصناعة في فلسطين يعاني من ذوبان في القاعدة الإنتاجية التي انخفضت من 32% إلى 17% من الناتج المحلي الاجمالي، وهذا يستشف من الانخفاض في عدد العمال ونسبة الإقراض ونسبة التصدير، وارتفاع كلفة العمالة مقارنة بالدول المجاورة.

وتحدث عن موضوع القدس في المجال الصناعي، والتي عزلت عن محيطها الصناعي في الضفة الغربية، رغم وجود شهادات منشأ للصناعات المقدسية قبل الاحتلال، محذرا من خطورة غياب رؤية اقتصادية لتطوير مدينة القدس من قبل الجانب الفلسطيني.

وتابع: إن المناطق المهمة والمناطق “ج” تعاني من إهمال كبير، كذلك المدن الصناعية التي يجري الحديث عنها هي دون المستوى المطلوب، ودون الممكن، كما ان قوانين تشجيع الاستثمار ليست كما هو مطلوب ولا تشجع الاستثمار بشكل فعلي وحقيقي.

وتحدث عن غياب للثقة بين القطاعين العام والخاص، خصوصا للمناطق البعيدة عن مركز السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، لذلك يجب العمل على تطوير هذه العلاقة بين القطاعين العام والخاص.

وقال إن 82 شركة فلسطينية في منطقة بيت لحم مسجلة في إسرائيل للتخلص من الإجراءات الخاصة بالمقاصة والضرائب وغيرها.

من جانبه، قال رئيس هيئة المدن الصناعية في فلسطين علي شعث، إن مجموع المدن الصناعية ستسهم في توفير عشرات آلاف فرص العمل، وقد بدأ العمل في ألف دونم كمنطقة صناعية جنين، حيث تم إكمال كل الأسوار الخارجية وطولها 4 كيلو مترات، ومناطق المواقف والطرق الداخلية، عبر مطور تركي تابع لغرف التجارة والصناعة التركية، وكذلك منطقة بيت لحم الصناعية الجاري العمل فيها أيضا.

وأردف إن الاحتلال يعيق تشغيل المدن الصناعية الفلسطينية بشكل متواصل، وهو يسيطر على المناطق المصنفة “ج” في الضفة الغربية، وجل المناطق الصناعية تركز فيها، كما دعا إلى تسهيل الحصول على التراخيص في المناطق الصناعية للمستثمرين لتشجيعهم على العمل في فلسطين.

 القطاع السياحي: مشاركة بسيطة في الدخل القومي

وبدوره، قال سامي أبو دية، رجل الأعمال ناشط في المجال السياحي، إن القدس هي أهم مكان للسياحة في فلسطين، ولكن عدم الاستثمار فيها أضعفها بشكل كبير، إضافة إلى إجراءات الاحتلال لتهويدها.

وقال إن الاستثمار في القطاع السياحي في فلسطين مجد، ومن يقدم منتجات ذات جودة يمكن أن يحصل على مردود مالي مجد بشكل كبير.

وتحدث عن مشكلة تركز استثمارات القطاعات الخاص في هذا القطاع  في بيت لحم، مشددا على وجوب توزيع الاستثمار الفلسطيني على مختلف المدن الفلسطينية، واولها القدس، وأريحا وغور الأردن، لاهميتهما خصوصا للسياحة الداخلية الفلسطينية.

وأشار إلى أن السياحة تساهم بـ15% من الناتج المحلي فالسياحة، ويمكن رفع هذه الحصة لتصل إلى 30%.

من جانبه، قال يحيى السلقان، من اتحاد شركات أنظمة المعلومات “بيتا” ان بناء الاقتصاد الفلسطيني يقوم على رأس المال البشري، وبالتالي لا بد من خطوات حثيثة نحو بناء اقتصاد المعرفة.

وأضاف السلقان، إن المطلوب هو توفير حوافز للاستثمار في قطاع التكنولوجيا، واتجاه الحكومة نحو تقديم خدماتها الكترونيا، مشددا على سعة الفرص الاستثمارية في هذا القطاع.

 
 

أضف تعليقك