الهدنة في سوريا.. ارتباك أمريكي وغموض يكتنف مستقبلها
 
 
الهدنة في سوريا.. ارتباك أمريكي وغموض يكتنف مستقبلها
 
 

نيويورك – “القدس” دوت كوم – سعيد عريقات – أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، أن الولايات المتحدة وروسيا وأطرافا أخرى معنية بعملية السلام في سوريا ستجتمع الثلاثاء في نيويورك، بعد إعلان الجيش السوري انتهاء سريان الهدنة.

 

وقال تونر في مركز البعثة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها 71، إن وزراء خارجية المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم نحو 20 بلدا بينها السعودية وتركيا ستجري تقييما للوضع.

 

وأضاف أن الاجتماع “سيكون بالتأكيد مهما لتقييم وضع الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة وروسيا قبل نحو الأسبوع، واين نحن الآن والخطوات المقبلة التي يجب اتخاذها وأين يجب أن نرى مزيدا من التحسن”.

 

ويأتي اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا قبل جلسة مجلس الأمن الدولي حول سوريا التي ستعقد غدا بمشاركة وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف.

 

وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد وافقتا في التاسع من أيلول الجاري على الدعوة إلى وقف لإطلاق النار وتوزيع المساعدات واستهداف المتطرفين في سوريا بشكل مشترك. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في الثاني عشر من الشهر ذاته.

 

كما أعلنت الولايات المتحدة أنها تنتظر الرد الروسي حول التصعيد الذي تشهده الساحة السورية على الأرض، إذ تسعى واشنطن لاستمرار العمل بالهدنة المبرمة.

 

وتصر الولايات المتحدة أن الهدنة، رغم هشاشتها، إلا أنها تمكنت من تخفيف عدد الضربات وتقديم بعض المساعدات للمدنيين، وتأمل إحراز تقدم أكبر على هذه الجبهة.

 

وكان كيري قد وجه انتقادات للروس مطالبا إياهم بالضغط على النظام السوري للحفاظ على الهدنة. كما انتقد موسكو قائلا إنها أخفقت في تطبيق التزاماتها بالاتفاق المبرم الذي قضى بوقف الأعمال العدائية لسبعة أيام.

 

وصرح كيري وبشكل مقتضب، على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، إن الوضع على الأرض يظهر أننا لم نحصل على الهدوء اللازم لتوزيع المساعدات الإنسانية.

 

ويقضي الاتفاق المبرم، بتشكيل خلية مشتركة أميركية روسية تنسق فيما يخص الضربات على التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها “داعش” و”النصرة”، وأن يضغط كل من الطرفين، الأميركي والروسي، على المعارضة والنظام لوقف الأعمال القتالية.

 

وكانت جلسة مجلس الأمن في نيويورك، التي دعت لها روسيا السبت الماضي، قد شهدت توتراً واتهامات متبادلة بين سفراء الولايات المتحدة وروسيا، بعدما ضربت الولايات المتحدة مواقع تابعة للنظام السوري قالت إنها كانت تستهدف ”داعش“ وأصابت قوات تابعة للنظام السوري بالخطأ.

 

وقال تونر، “إننا نتوقع أن تستخدم روسيا نفوذها لضمان التزام النظام السوري بالاتفاق، وما زلنا نتشاور مع روسيا وسيلتقي كيري بنظيره لافروف يوم غد خلال اجتماع مجموعة الدعم الدولية لسوريا، كما نتوقع أن يعقد لقاء ثنائي بين الطرفين على هامش القمة”.

 

وفي إطار تطورات الموقف الأميركي تجاه وقف إطلاق النار، أشار المشاركون في البرامج الإخبارية الأميركية يوم الأحد (أمس الأول) إلى التدهور السريع للاتفاق، خاصة في أعقاب الهجمات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على مواقع الجيش السوري في دير الزور يوم السبت الماضي، التي أودت بحياة أكثر من 60 جنديا سوريا وجرح أكثر من 100 أحرين.

 

ويمكن تلخيص ما جرى (وفق الروايات الإعلامية المختلفة) في دير الزور قرب المطار العسكري الذي تسيطر عليه القوات النظامية السورية يوم السبت على النحو التالي: طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة أميركا تقصف مواقع للجيش السوري، مما أدى مقتل أكثر من 60 جنديا سوريا وجرح أكثر من 100 أحرين، شن بعدها تنظيم “داعش” هجمات على الموقع وسيطر عليه.

 

من جهتها، عبرت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامانتا باور في جلسة مجلس الأمن الأممي، السبت، عن أسف بلادها لهذه الغارة “التي لم تكن متعمدة”.

 

وكان الجيش السوري قال في بيان إن القصف الجوي الأمريكي “مهد بشكل واضح” لهجوم تنظيم “داعش”.

 

أما بالنسبة لروسيا فكان موقفها حازما عبر دعوة مجلس الأمن للانعقاد ومناقشة ما جرى، واتهمت الولايات المتحدة بالقول إنه “شبه تآمر بين طياري التحالف وإرهابيي داعش”، مما أثار حفيظة الولايات المتحدة.

 

ويتردد في واشنطن أن الغموض يكتنف الاتفاق الروسي الأمريكي من عدة مصادر، إذ تصر الولايات المتحدة على عدم كشف تفاصيل الاتفاق وتتهم الجانب الروسي في المماطلة بإدخال المساعدات الإنسانية، والالتزام بوقف إطلاق النار في حلب.

 

فيما تصر موسكو أن الاتفاق كان واضحاً تجاه تسليم واشنطن لقوائم أهداف جبهة النصرة (التي غيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام)، والتحضير لإقامة غرفة عمليات مشتركة مع الجيش الروسي استعداداً لتوجيه ضربات مشتركة على “داعش” و”النصرة” معاً.

 

إلا أن الجانب الأمريكي يبدو أنه لا يزال غير مستعد لهذه الخطوة، ويريد مزيدا من الوقت لتثبيت وقف العمليات القتالية في حلب، وإدخال ما يمكن من مساعدات دون تفتيش، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول جدية الجانبين في البحث عن حل سلمي للأزمة السورية وعن شكوك متبادلة بينهما بخصوص قدرة أي منهما السيطرة على حلفائه.

 

ويتسم الموقف الأميركي بالفوضى أو عدم الوضوح فيما إذا كان هناك دفعة حقيقية من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل انتهاء دورته، أو الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية.

 

يشار إلى أن المرحلة الثالثة والأخيرة من الهدنةِ في سوريا وفق الاتفاق الروسي – الأميركي انتهت أمس، ولم يحدد اي موعد لتمديدها، وإنما على العكس تقول روسيا “لا جدوى من التزام الجيش السوري وحدَهُ بالهدنة”.

 

ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستنفذ التزاماتها بشأن الاتفاق.

 
 

أضف تعليقك