خبراء: تخفيض ضريبة القيمة المضافة له عوائد إيجابية على الاقتصاد
 
 
خبراء: تخفيض ضريبة القيمة المضافة له عوائد إيجابية على الاقتصاد
 
 

رام الله – معا – أكد خبراء ومختصون بالشأن الاقتصادي، اليوم، أن تخفيض ضريبة القيمة المضافة على السلع الأساسية مثل الطحين، والسكر، والأرز …الخ، مع قرب حلول العام الجديد، من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي، وإن أشاروا إلى ادراكهم لصعوبة تحقيق ذلك، في ظل المحددات الموجودة وفي مقدمتها اتفاق “باريس الاقتصادي”.

وذكر الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم خلال ورشة عمل نظمها مركز بيسان للبحوث والانماء في مقره برام الله، أن المطالبة المجتمعية بتخفيض القيمة المضافة على السلع الأساسية مطلب مشروع، لا سيما أن ترجمته على الأرض تساهم في تحقيق العدالة الضريبية.

وقال عبد الكريم: كلما كان هناك تمايز في النظام الضريبي، سواءً على صعيد الشرائح، أو مستويات الدخول، أو نسب الضريبة المضافة على السلع حسب أهميتها بالنسبة للمواطنين، كلما كان ذلك أكثر عدالة.

وأضاف: السلع الأساسية تتعلق بكافة الأسر، وتشكل جزءً مهماً من سلتها، بالتالي فإن خفضها له آثار مهمة، وهو أمر معمول به في دول العالم المختلفة، بالتالي فإن المطالبة به أمر مشروع، لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هل هذا ممكن من الناحية الفنية، وهل يمكن على المستوى الرسمي وتحديداً لوزارة المالية تكييف النظام لتحمل هذا الاجراء، أعتقد أن هذه هي الإشكالية.

ولفت إلى إدراكه ما فرضه اتفاق “باريس”، الذي يتيح للسلطة الوطنية تقليص الضريبة بنسبة 2% عما هو قائم في “اسرائيل”، مبيناً أنه قد يتمكن الطرف الفلسطيني من اقناع نظيره الإسرائيلي بجدوى وضرورة خفض الضريبة على بعض السلع، لكن ستظل الكلفة المترتبة على هذه المسألة، ومدى الاستعداد لتحملها مسألة تفرض نفسها.

وكان مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)، طالب مؤخراً، الحكومة بخفض ضريبة القيمة المضافة على السلع الاساسية (طحين، سكر، أرز، زيت، خبز، حليب…الخ)، باعتبار أن من شأن ذلك تخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين، مبيناً أن خفض ضريبة القيمة المضافة، سيكون له انعكاس ايجابي على الاقتصاد الاجتماعي، من حيث تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديداً للعائلات الفقيرة.

واعتبر عبد الكريم، أن خفض الضريبة على بعض السلع التي ترتبط بالمرأة والطفل، مثل اللحوم، والخبز، والحليب، وبعض الأدوية سيكون لها عوائد إيجابية في حال تحقيقها، لكنه شكك في امكانية حدوث ذلك لاعتبارات عديدة، من ضمنها ارتباطها بالموارد المالية.

وقال: هل الحكومة بوارد مثل هكذا خطوة، لأن عينها على الموارد المالية، وهل تؤيد فكرة التدخل لتصويب مسار العدالة، أم تترك الأمور على حالها بحجة أننا نعتمد اقتصاد السوق.

وذكر أن المواطن يمول اليوم أكثر من 75% من موازنة السلطة، بالتالي فإن المطلوب تعزيز ثقة المواطن بالنظام المالي، ليس من باب الإعلان والترويج، بل الممارسة، عبر اقناع الحكومة للناس بأن هناك ارادة مالية للسلطة لجهة اشراكهم في القرار المالي.

ورأى رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، أنه يفترض اتخاذ اجراءات لخفض ضريبة القيمة المضافة على السلع الأساسية، لافتاً إلى أن المواطن يجب أن يرى آثار الجباية الضريبية على المجتمع، سواءً عبر المساعدات الموجهة للأسر المشمولة بشبكة الأمان الاجتماعي، وتقدر بنحو 120 ألف أسرة، أو على هيئة مشاريع على أرض الواقع.

وقال: المشكلة الأساسية أننا نضع ضريبة قيمة مضافة على كافة السلع الأساسية باستثناء الخضار، ما يؤدي أحيانا كثيرة إلى رفع أسعارها، خاصة أن معظم هذه السلع تأتي من “اسرائيل” أو عبرها، بالتالي تفرض عليها الضريبة وقيمتها 18%، بينما نفرض نحن ضريبة عليها بقيمة 16%. لكن ما تؤكده التقارير ان اسرائيل قامت بتخفيض الضريبة بنسبة 1%.

ولفت إلى عدم استفادة المواطن في كثير من الأحيان من مسألة الاسترداد الضريبي، منتقداً بالمقابل ما يحدث في كثير من المرات لجهة دفع المواطن ضريبة مضاعفة.

وأضاف: في أحيان كثيرة عندما يشتري المواطن كيلو سكر أو طحين، أو أرز ..الخ، تكون ضريبة القيمة المضافة مشمولة بالسعر، لكن اذا طلب الزبون فاتورة، يتم إعدادها مع احتساب الضريبة عليها مرة أخرى، من هنا تم اجراء حملات توعية للمواطنين لطلب الفاتورة مع الاصرار على عدم زيادة قيمتها.

وأوضح أنه يؤيد تحديد هامش للربح فيما يتعلق بالسلع الأساسية، أسوة بما يفعل الاسرائيليون، مبينا أن هناك العديد من الإشكاليات في السوق الفلسطينية، لا بد من وضع حد لها.

وقال: عندما مثلا يفرض سعر اسطوانة الغاز بـ 56 شيكلاً، مع اضافة شيكلين مقابل توصيلها، بينما يقفز في الواقع سعرها إلى 65 و67 شيكلا، فهذه مشكلة، في ظل أنه لا توجد أية جهة رقابية تستطيع أن تقف أمام هذه الحالة.

من جانبه، ذكر الباحث إياد الرياحي، أن العمل بدأ بتطبيق قرار برفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% لتصبح 16%.

وأوضح الرياحي، “هذا النوع من الضرائب يدر على السلطة ما يوازي 845 مليون دولار سنوياً، وبنسبة تقارب 31% من مجمل الضرائب والجمارك والمكوس التي تجبيها السلطة.

وأضاف “الرواية الرسمية تعتبر أنه حسب اتفاق باريس الاقتصادي لا يجب أن تقل هذه النسبة عن 2% عما هو معمول به في داخل دولة الاحتلال، والسلطة تعتبر نفسها مجبرة على فعل ذلك، لكن لم يحدث أن احتجت على أي من القرارات المتعلقة بالسياسة الضريبية في اسرائيل، ويتأثر بها المواطن، وهي لا تقاوم هذا الإجراء باعتبار أن له مردوداً مالياً ايجابياً على الخزينة، ما يتبين من تخفيض الاحتلال للضريبة مع نهاية الشهر الماضي لتبلغ 17%، ليصل الفرق الحقيقي إلى 1% فقط”.

من جهته، ذكر المتحدث باسم وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن، “أن مسألة العجز في موازنة الحكومة لا تخفى على أحد، بالتالي هناك جزء كبير تهرب ضريبي داخلي لذا على كل مكلف دفع الضرائب المستحقة عليه حسب القانون، لأنه إذا لم يكن هناك التزام بدفع الضرائب لتغطية النفقات، سنظل في تبعية مطلقة للمانحين ولن يكون لدينا شيء من الاستدامة المالية”.

واستدرك: لا بد أن يكون هناك أمران دوماً، هما: ترشيد في النفقات، وزيادة في الإيرادات، حتى نضمن أن يكون هناك استدامة مالية في كافة النفقات سواءً الجارية أو التطويرية.

وتابع: السلع الأساسية في معظمها دون جمارك، بالتالي فإن الوضع المالي القائم لا يسمح بأن يتم تقديم دعم لهذه السلع، لأننا نبحث عن مصادر تمويل لتسديد الفجوة في عجز الموازنة، لا سيما أننا نعاني من عجز متفاقم ومستمر، من هنا طالما أننا لم نسد هذا العجز، كيف لنا أن نعطي دعماً للسلع الأساسية.

وقال: إذا أعطينا دعما للسلع الأساسية، لا بد من دعم للإنتاج في نفص الوقت، لأنه لو تم منح دعم للمستهلك وتوفير السلع له بسعر مخفض، فإن المنتج والمزارع والمصنع الذي تعاني بضاعته من ركود وكساد في السوق، ينبغي أن يقدم له الدعم بذات القدر الذي تم فيه دعم المستهلك، لكن للأسف لا توجد الموازنة الكافية في حالتنا، لا تحقيق الأمر الأول ولا الثاني، وقد أعلن ذلك مجلس الوزراء في جلسة رسمية، حيث قال بأن الحكومة لا تقوى على تقديم الدعم للسلع الأساسية.

وبين أن ما تناهى من أحاديث حول وجود مقترح بزيادة الضريبة على السجائر والسلع الكمالية، وتطبيق العكس على السلع الأساسية، يمثل أمراً نظرياً، لافتاً إلى أن تطبيقه على أرض الواقع أمر صعب.

وقال: ضريبة القيمة المضافة منصوص عليها في بروتوكول باريس الاقتصادي، حيث أنه ليس بمقدورنا خفضها بأكثر من نقطتين (2%)، وهي في “اسرائيل” بمقدار 18%، بالتالي نحن وضعناها وفق الحد المسموح به تبعا للبروتوكول، واذا ما سأل أحد عن سبب التزامنا بالبروتوكول بينما لا تفعل “اسرائيل” الأمر نفسه، فإن المسألة واضحة، وتتمثل في غلبة الطرف القوي على الضعيف، لا سيما أن “اسرائيل” تجبي نحو 70% من إيراداتنا، وهي المسيطرة على الحدود والمعابر، وموادنا الخام نسبة كبيرة منها منها، بالتالي فإن لديها سيطرة على 86% من الإيرادات، وأكثر من 75% من الصادرات.

وخلال الاسبوع الماضي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي فلما تعريفا حول ضريبة القيمة المضافة انتجه مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) حظي بأكثر من 120 الف مشاهدة خلال اقل من اسبوع يطالب الحكومة الفلسطينية بخفض ضريبة القيمة المضافة على السلع الاساسية، فهل تفعل الحكومة ذلك؟

 
 

أضف تعليقك