اتفاق روسي إيراني تركي على «آلية» لتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا
 
 
اتفاق روسي إيراني تركي على «آلية» لتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا
 
 

استانا (كازاخستان) – دمشق – اتفقت روسيا وتركيا وايران، الدول الراعية لمحادثات السلام حول سوريا في استانا، أمس على انشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف اطلاق النار في سوريا في ختام يومين من المحادثات بين وفدي الدولة السورية والفصائل المعارضة.

وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف اثناء تلاوته البيان الختامي للقاء استانا انه تقرر «تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الامتثال الكامل لوقف اطلاق النار ومنع اي استفزازات وتحديد كل نماذج وقف اطلاق النار». وكان مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا يأمل بانشاء هذه الالية وقد دعمتها ايضا المعارضة التي تأمل «تجميد العمليات العسكرية» خصوصا في وادي بردى وهي منطقة رئيسية لتزويد دمشق بالمياه دارت فيها معارك ليل الأحد الاثنين.

وقالت الدول الثلاث أيضا إنها تدعم مشاركة المعارضة السورية في محادثات السلام المقبلة التي ستعقد في جنيف في 8 شباط برعاية الأمم المتحدة.  وشدد البيان على أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع، وانه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية تعتمد على تطبيق قرار مجلس الامن رقم 2254 بشكل كامل». وقالت روسيا وايران حليفتا دمشق، وتركيا الحليف الرئيسي لفصائل المعارضة انها ستسعى «عبر خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الاطراف، الى تعزيز نظام وقف اطلاق النار» الذي دخل حيز التنفيذ في 30 كانون الاول وادى الى خفض العنف رغم خروقات متكررة. وورد في البيان ايضا أحد المطالب الرئيسية لوفد الدولة السورية وهو الفصل بين المعارضين «المعتدلين» ومتطرفي تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة). واكد البيان ان وفود البلدان الثلاثة «يعيدون التأكيد على تصميمهم محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك» كما انهم «يعبرون عن قناعتهم بان هناك حاجة ملحة لتصعيد جهود اطلاق عملية مفاوضات وفقا لقرار مجلس الامن رقم 2254». كما اكدت الدول الثلاث ان اجتماع استانا «منصة فعالة للحوار المباشر بين» دمشق والمعارضة وفقا لما «هو مطلوب بموجب قرار مجلس الامن 2245».

ولم يوقع اي من الطرفين السوريين على البيان الختامي ولم تحصل اي جلسة مفاوضات مباشرة بينهما، وكانا ممثلين بالدول الراعية للقاء استانا. من جهته، قال رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري خلال مؤتمر صحافي «نعتقد أن اجتماع استانا نجح فى تحقيق هدف تثبيت وقف الاعمال القتالية لفترة محددة الامر الذى يمهد للحوار بين السوريين». واضاف ردا على سؤال ان «في وادي بردى ثماني او تسع قرى تم تحريرها بالكامل، وبقيت واحدة هي عين الفيجة، لذلك لم يعد هناك مشكلة اسمها وادي بردى». وتابع ان «المجموعة الارهابية الموجودة في عين الفيجة وتستخدم المياه كسلاح للضغط على الناس والحكومة هي جبهة النصرة، لذلك العميات العسكرية مستمرة ضدها هناك». وختم الجعفري ان «تحديد المناطق شأن سيتولاه الخبراء العسكريون (…) سيتم وضع خرائط عسكرية وتبادل معلومات بين الضامنين والجيش السوري لتحديد اماكن داعش والنصرة والمتحالفين معها».

من جهته، اعلن رئيس وفد فصائل المعارضة محمد علوش لفرانس برس ان دمشق وطهران تتحملان مسؤولية عدم احراز «تقدم يذكر» في هذه المباحثات. وقال علوش «الى الآن لا يوجد تقدم يذكر في المفاوضات بسبب تعنت إيران ودمشق».

وتابع الوفدان أمس بعد الظهر في فندق ريكسوس لليوم الثاني المحادثات وهي الاولى منذ بداية الحرب بين ممثلين عن الدولة السورية وقادة الفصائل الذين يتولون قيادة الآلاف من المقاتلين ويسيطرون على عدد من المناطق. وانتهى اليوم الاول من المحادثات التي ترعاها تركيا وروسيا وإيران الاثنين دون احراز تقدم واضح او ملموس. واذا كانت روسيا غيرت بشكل جذري الوضع في سوريا من خلال تدخلها العسكري في خريف عام 2015، وخصوصا تمكن الجيش السوري من طرد المقاتلين من حلب في ما شكل اكبر انتصار للدولة السورية منذ بدء الحرب، الا ان مبادراتها لاقامة سلام دائم تواجه صعوبات. وكان علوش اصر الاثنين على «تجميد العمليات العسكرية» وايصال المساعدات الانسانية للسكان. ويطالب المقاتلون ايضا بوقف الاعمال القتالية في وادي بردى. واكد الوفد الحكومي رفض اجراء محادثات على مستوى رفيع مع تركيا او التوقيع على وثيقة نهائية تحمل توقيع مسؤول تركي.

كما هددت الفصائل باستئناف القتال اذا فشلت المحادثات التي تهدف من حيث المبدأ الى ان تشكل اساسا لمفاوضات تحت رعاية الامم المتحدة في جنيف في 8 شباط.

من جانبه، أعلن رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع أستانا، مبعوث الرئيس الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر لافرينتيف، ان موسكو سلمت لوفد المعارضة السورية مشروع الدستور الجديد الذي أعده الخبراء الروس. وقال لافرينتيف «نحتاج الى آلية ملموسة لتأسيس لجنة دستورية ستشمل جميع اطراف النزاع السوري». وكشف في مؤتمر صحفي عقد في ختام لقاء أستانا أن موسكو سجلت خروقات لوقف إطلاق النار بريف دمشق ووادي بردى من قبل جميع أطراف النزاع. ودعا لافرينتيف جميع أطياف المعارضة للمشاركة في مفاوضات جنيف الشاملة للتسوية بسوريا. وقال ان موسكو لا تفرق بين منتهكي وقف اطلاق النار سواء من المعارضة او الحكومة، مشددا على ان موسكو سترحب بانضمام الولايات المتحدة الى جانب الدول الضامنة في التسوية السورية روسيا وتركيا وايران.

في السياق، دعت الامم المتحدة أمس الدول المانحة الى تخصيص 4,6 مليارات دولار إضافية لمساعدة ملايين السوريين اللاجئين في البلدان المجاورة لسوريا، وغالبيتهم نساء واطفال يعيشون حالة طارئة. وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، خلال مؤتمر دولي في هلسنكي ان «اللاجئين السوريين والمناطق التي تستضيفهم يحتاجون أكثر من أي وقت مضى لدعمنا». واضاف «يجب على المجتمع الدولي أن يوجه رسالة واضحة أنه الى جانبهم ويوفر لهم الدعم الذي يحتاجونه سريعا». وتابع «العام الماضي، وصلنا إلى نسبة تمويل 60 بالمئة من التعهدات. وأعتقد أنه يمكننا جميعنا أن نفعل أفضل من ذلك». واطلقت الأمم المتحدة ونحو 240 من شركائها (مؤسسات دولية وحكومات ومنظمات غير الحكومية) رسميا أمس في العاصمة الفنلندية خريطة المساعدات الإقليمية للاجئين لعامي 2017 و2018. وتهدف الخطة إلى تمويل وتنظيم المساعدات الدولية المخصصة ل4,7 ملايين لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. بالإضافة إلى مبلغ 4,63 مليار دولار (4,4 مليار يورو)، تقدر الامم المتحدة ب 3,4 مليار دولار قيمة الاحتياجات الإنسانية هذا العام ل 13,5 مليون سوري في بلادهم، هم في كثير من الأحيان محاصريون في المدن ومحرومين من الطعام والمأوى والرعاية والتعليم.

وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن اوبراين «إن معاناة الشعب السوري، الموجود في معظمه داخل حدود البلاد، لم تتراجع، ويتحتم علينا تسريع جهودنا لصالح 13,5 ملايين رجل وامرأة وطفل سوري هم بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية والحماية». واوضح ان «المدنيين لا يزالون هدفا لهجمات عنيفة (…) وهناك نحو 6,3 ملايين نازح».

على الأرض، تدور اشتباكات عنيفة بين جبهة فتح الشام (جبهة النصرة) وفصائل اسلامية معارضة في شمال سوريا وذلك بالتزامن مع انتهاء محادثات استانا حول النزاع في البلاد، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس «تدور اشتباكات على جبهات عدة في محافظة ادلب (شمال غرب) وريف حلب (شمال) الغربي بين جبهة فتح الشام وفصائل اسلامية». واسفرت المعارك، وفق قوله، عن مقتل «خمسة مدنيين من عائلة واحدة غالبيتهم اطفال» في احدى قرى ريف ادلب الشمالي. وبدأت الاشتباكات بهجوم لجبهة فتح الشام على معسكر لفصيل «جيش المجاهدين»، ما اسفر عن حملات اعتقال بين الطرفين ومعارك توسعت لاحقا لتشمل فصائل اسلامية معارضة اخرى، بينها حركة احرار الشام و»الجبهة الشامية» و»صقور الشام». ولا يزال السبب المباشر خلف اندلاع تلك الاشتباكات غير واضح، خاصة ان تلك الفصائل لطالما قاتلت جنبا الى جنب مع جبهة فتح الشام.

وربط عبد الرحمن المعارك بـ»معلومات لدى جبهة فتح الشام ان هناك فصائل على الارض تبلغ التحالف الدولي بقيادة واشنطن بتحركات مقاتليها وقيادييها على الارض». وتعرضت جبهة فتح الشام منذ بداية الشهر الحالي لقصف جوي عنيف نفذ الجزء الاكبر منه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، واسفر عن مقتل اكثر من 130 عنصرا، بينهم قياديون، وفق حصيلة للمرصد. ورفض مدير العلاقات الخارجية السياسية لأحرار الشام لبيب النحاس اتهام الفصائل بالتواطؤ. وقال في تغريدة على تويتر «الفصائل الثورية التي تتهمها فتح الشام بالعمالة والردة وتبغي عليها هي من دافعت عنها في المحافل الدولية واللقاءات المغلقة». وكانت حركة احرار الشام اوردت رفض عزل جبهة فتح الشام كاحد اسباب عدم مشاركتها في محادثات استانا بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة. واعتبر النحاس ان «جبهة فتح الشام امام مفترق طرق: إما أن تنضم بشكل نهائي للثورة أو تكون داعش جديدة».

واكدت حركة احرار الشام في بيان قيامها بـ»بنشر حواجز وقوات لمنع اي ارتال لجبهة فتح الشام او غيرها تتوجه للاعتداء على المسلمين». وافاد مراسل فرانس برس في ادلب عن حالة من الاستنفار بين الفصائل ونشر حواجز كثيرة على الطرقات. وفي اطار المعارك بين الطرفين «طردت الفصائل جبهة فتح الشام من ثلاث مناطق في محافظة ادلب بينها بلدة احسم»، وفق المرصد. وفي المقابل سيطرت جبهة فتح الشام على بلدات عندان وحريتان وكفر حمرة شمال مدينة حلب، بحسب المرصد.(وكالات).

 
 

أضف تعليقك