ترامب يجري تغييرا مـريـبـا بـشـأن إسـرائـيـل
 
 
ترامب يجري تغييرا مـريـبـا بـشـأن إسـرائـيـل
 
 

أشار الرئيس ترامب مؤخرا إلى تراجع خطير عن سياسة الشرق الأوسط التي اتبعها الرؤساء الجمهوريون وكذلك الرؤساء الديقراطيون للعقدين الماضيين. في المؤتمر الصحفي الذي عقد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال السيد ترامب أنه «يمكنه أن يتعايش» مع حل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي يوجد دولة واحدة لكلا الشعبين، بدلا من فصل الكيانين الإسرائيلي والفلسطيني. قال ذلك في الوقت الذي يؤكد رغبته في التواسط «لأكبر وأفضل اتفاق» في المنطقة. في الحقيقة، بتراجعه عن صيغة إقامة الدولتين، فإن الرئيس قد قدم الاحتمالات الضعيفة أصلا للاتفاق وحتى الأكثر بعدا – وزاد الفرص بأن تعود واحدة من الزواية القليلة السلمية نسبيا في المنطقة إلى النزاع.

أعلن السيد ترامب تغيير سياسته – والتي تعارض ليس موقف الرئيس باراك أوباما وحسب، بل أيضا الرؤساء جورج بوش الابن وبيل كلنتون – كنوع من التصرف كوسيط حيادي. وقال «أني أتطلع لحل إقامة الدولتين وحل إقامة دولة واحدة. ويمكنني أن أتعايش مع أي واحد منهما»، وهذا يعتمد على ما يتفق عليه الإسرائيليين والفلسطينيين لكن ليس هناك صيغة حل لإقامة دولة واحدة وفقها يمكن لإسرائيل أن تبقى دولة ديقراطية ويهودية في وقت واحد. يقول الفلسطينون وعلى نحو صحيح أن على الدولة الواحدة أن تعطيهم حقوقا متساوية، بما في ذلك حقوق التصويت الكاملة. ويتصور معظم الإسرائيليين الذين يفضلون هذا الحل وجود نظام شبيه بنظام التمييز العنصري الذي سيعيش بموجبه الفلسطينيين في مناطق مع حكم ذاتي محلي لكن دون سيادة أو حقوق ديمقراطية كاليهود.

قد يحاول السيد ترامب إرضاء السيد نتنياهو، الذي يخضع لضغط كبير من شركائه في الحلف اليميني المتشدد للتخلي عن صيغة حل إقامة الدولتين، الذي صادق عليها في عام 2009. من جانبه، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد تراجع عن تأكيده مرة أخرى دعمه للدولة الفلسطينية، وبدلا من ذلك يصر أن السلام قد يتطلب من الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وقبول السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كل الضفة الغربية.

أشار كلا الزعيمين أنهما سوف يسعيان لمواصلة الطريق الدبلوماسي الجديد – الأول الذي اقترحه العام الماضي السيد نتنياهو – الذي قد تطور فيه إسرائيل علاقاتها مع الدول العربية، التي من المحتمل أن تساعد في التواسط لتسوية مع الفلسطينيين. لكن المملكة العربية السعودية ومصر والاردن لن يدعموا أبدا اتفاق لن يحصل فيه الفلسطينيون على حقوق سياسية كاملة، وعلى الأقل، يعلم السيد نتنياهو هذا الأمر بالتأكيد. واقتراحه بتقديم مبادرة إقليمية هو جعل خطة السلام الجدية أقل من كونه مجرد مراوغة. وبتبنيها بسذاجة، يضع السيد ترامب نفسه في فشل دبلوماسي. كما أنه أثار احتمالات أن خيبة الأمل الفلسطينية سوف تمتد لموجة جديدة من العنف.

لأجل سمعته، فقد سعى السيد ترامب لإيقاف السيد نتنياهو عند نقطة معينة: وهي المستعمرات. وقد كان الزعيم الإسرائيلي، الذي صادق مؤخرا على آلاف من وحدات الإسكان الجديدة في الضفة الغربية، قد رد بأنه يسعى للتوصل إلى اتفاقية مع السيد ترامب لذا «فنحن لا نصطدم ببعضنا». وإن الاتفاق الأميركي الإسرائيلي بتحديد البناء بالمناطق الموجودة قريبا من الحدود الإسرائيلية قد يكون لها تأثيرا عمليا بالحفاظ على احتمالية وجود الدولتين بجانب بعضهما البعض. إذا كان السيد ترامب يريد حقا التواسط لعقد اتفاق، عليه أن يبدأ بالضغط على السيد نتياهو للإلتزام بمثل هذا التعهد.

 
 

أضف تعليقك