عمال غزة يعيشون البطالة والفقر دون أفق لإنهاء معاناتهم
 
 
عمال غزة يعيشون البطالة والفقر دون أفق لإنهاء معاناتهم
 
 

غزة – “القدس” دوت كوم- يختزل الفلسطيني وليد ابو يوسف بشكواه من وضعه المعيشي المتردي نتيجة للبطالة المتفاقمة معاناة عشرات الآلاف من العمال في قطاع غزة منذ أكثر من عقد من الزمن من دون حلول في الأفق.

وغلبت مشاعر المرارة والقهر على الخمسيني ابو يوسف وهو يروى معاناته وفقره أملا بأن يجد صوته صدى للخلاص من شبح البطالة ويتمكن من توفير حياة كريمة لعائلته المكونة من تسعة أفراد.

واستخف ابو يوسف لدى سؤاله حول رأيه في مناسبة عيد العمال العالمي، الذي يصادف الأول من ايار/مايو من كل عام وهو يردد باستياء “لا يوجد لنا عيد عمال وإجازة، فنحن عاطلون عن العمل على مدار العام”.

وقال ابو يوسف لوكالة أنباء “شينخوا” لدى مشاركته في اعتصام جرى في غزة بمناسبة عيد العمال “نحن العمال في غزة نخرج مستصرخين ومستغيثين وليس محتفلين (..) معاناتنا تتفاقم سنويا ولا نجد أي حلول لها”.

وكان ابو يوسف يعمل في مجال البناء قبل أن يقوض الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 أنشطته ويتحول إلى عاطل عن العمل باستثناء عدد محدود من أيام العمل المؤقت وبمقابل مالي زهيد على مدار العام.

ويضيف الرجل بنبرات غاضبة “نشعر نحن العمال في غزة بظلم كبير وحرمان من أبسط حقوقنا، فنحن أكبر شريحة تعاني ومظلومة في المجتمع الفلسطيني، ولم نجد سوى تراكم الويلات علينا على مدار السنوات الماضية”.

ومع حلول عيد العمال العالمي، ينظر العمال في قطاع غزة لأوضاعهم بكثير من الحسرة، وهم يكابدون معدلات قياسية من الفقر والبطالة.

وبات هؤلاء بعد سنوات من الحصار والعنف في القطاع الساحلي الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة أسرى للبطالة وانعدام أفق الحصول على حياة كريمة سوى انتظار المساعدات الإنسانية.

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بعد نزاع مسلح مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

ودفع ذلك إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة من بين الأعلى في العالم، بحيث وصلت حتى نهاية عام 2016 إلى 41.7 في المائة من إجمالي السكان، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وعلى غرار ابو يوسف يشكو إسماعيل فياض (59 عاما)، وهو عامل بناء سابق، من أوضاع اجتماعية متدهورة يعانيها منذ أكثر من عقد من الزمن، وهو الذي يعول عائلة مكونة من 14 فردا.

ويقول فياض بغضب “لا أحد يتطرق لحالنا رغم أننا الأكثر تضررا ومعاناة من الحصار بعد أن حرمنا من فرصة عمل ومصدر رزق لنتحول إلى متسولين للمساعدات”.

ويضيف فياض “كل ما نطالب به منذ أعوام هو توفير فرص عمل لنعيش كباقي البشر ونوفر قوت أبنائنا، لكن للأسف لا أحد يهتم بنا وبأبنائنا الذين كبروا لا يجدون الحد الأدنى من احتياجاتهم”.

وحتى من حالفه الحظ من عمال غزة في الحصول على فرصة عمل، فإنه يشتكى من أنها لا تناسب مهنته الأساسية ولا توفر له مقومات الحياة الكريمة.

ويقول محمد بربخ (36 عاما)، وهو فنى بناء سابق لـ”شينخوا” إنه اضطر منذ عامين إلى قبول وظيفة عامل نظافة داخل إحدى المستشفيات بمقابل مالي 200 دولار أمريكي فقط شهريا بعد أن انعدمت أمامه فرص العمل بمهنته الأساسية.

واعتبر بربخ أن “سياسة الإهمال واللامبالاة من المؤسسات والحكومات الفلسطينية حولت العمال في قطاع غزة إلى عبيد يعملون في أشغال لا تليق بهم وبقدراتهم الفنية والجسمانية”.

وقدر رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي، في تصريحات لـ”شينخوا” بأن 60 في المائة من إجمالي عمال قطاع غزة عاطلون عن العمل في ظل تفاقم التدهور الاقتصادي جراء الحصار الإسرائيلي.

ويصف العمصي أوضاع عمال غزة “بالمأساوية وغير المسبوقة على مدار عدة عقود مضت”، موضحا أن إجمالي عدد عمال القطاع يقدر بنحو 360 ألف عامل يعاني 60 في المائة منهم من البطالة، وأكثر من 70 في المائة من الفقر، وهو ما اعتبره كارثة إنسانية شاملة واستمرارها بغاية الخطورة.

ويرى أن استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة هو السبب الرئيسي لتفاقم أزمة عمال القطاع، خاصة بفرض قائمة ممنوعات طويلة لدخول البضائع والمواد الخام قوض ولا يزال عمل مئات المصانع والمنشآت الاقتصادية وضاعف من محنة آلاف العمال فيها.

ويشير إلى أن أكثر المتضررين من عمال غزة هم أولئك العاملون في مجال الإنشاءات الذي كان يستوعب أكثر من 70 ألف عامل قبل فرض الحصار على القطاع نظرا لأهميته وتضمنه عدة مهن إلا أن تقييد دخول مواد البناء قلص بشدة عدد العاملين فيه.

كما ينبه العمصي إلى أن أزمة بطالة عمال قطاع غزة تتعمق سنويا بسبب انعدام فرص عملهم في الخارج بعد أن كان عشرات الآلاف منهم يعملون في فترات الثمانينات والتسعينات في دول الخليج وإسرائيل.

من جهته، شدد مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، على وجوب إيجاد حلول جذرية لقضية العمال والبطالة المرتفعة في قطاع غزة بعد عشرة أعوام من الانقسام الداخلي والحصار.

وأكد الطباع في بيان بمناسبة عيد العمال، على ضرورة وضع برامج إغاثة عاجلة لعمال قطاع غزة وخطط لإعادة تأهيل العمالة الفلسطينية باعتبار أن غالبية العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة فقدوا المهارات المكتسبة والخبرات نتيجة البطالة لسنوات.

واشار الطباع الى الحاجة إلى إعادة فتح أسواق العمل العربية للعمال من قطاع غزة ضمن ضوابط ومحددات بحيث يتم استيعاب الآلاف منهم ضمن عقود لفترات محددة لتخليصهم وعائلاتهم من واقع البطالة الذي يعانوه منذ سنوات طويلة.

 
 

أضف تعليقك