أوروبا تدعـم بريطانيا- ونفسها
 
 
أوروبا تدعـم بريطانيا- ونفسها
 
 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»

في اعقاب محاولة قتل مدنيين في بريطانيا عن طريق تسميمهم بغاز اعصاب روسي، يقوم الاتحاد الاوروبي بمؤازرة لندن ووضع خطط من شانها اتخاذ تدابير بحق الكرملين. ان تضافر جهود القارة الاوروبية دليل على مدى تمسكها بقيمها الديمقراطية.

يبدو ان سعي روسيا الى دق اسفين بين الانظمة الديمقراطية في الغرب قد اصطدم للتو بعقبة غير متوقعة. اذ قبل بضعة ايام، صرح الاتحاد الاوروبي بموافقته على ان من المحتمل بدرجة كبيرة ان تكون روسيا هي المسؤولة عن تسميم جاسوس سابق وابنته في بريطانيا في مطلع شهر اذار. وليس هذا فقط، بل ان معظم دول الاتحاد الاوروبي تقول انها تخطط لاتخاذ اجراءات بحق الكريملين. ان الاتحاد يقف صفا واحدا في معارضة المحاولة التي هدفت الى قتل مدنيين بغاز اعصاب مصنف عسكريا على تراب الاتحاد الاوروبي.

بعبارة اخرى، فان اوروبا لن تسمح على الاطلاق لنفسها بان تكون مثل دول ثانية مسرحا للمعارك الكيماوية. بل ان بريطانيا قد اقدمت بالفعل على طرد 23 دبلوماسي روسي، في حين صرح قادة الاتحاد الاوروبي بانهم سوف يستدعون سفير الاتحاد من موسكو على اثر «التحدي الخطير لامنه المشترك». وفي غضون الايام المقبلة ينوي اعضاء اخرون في الاتحاد الاوروبي القيام بخطوات مماثلة كل على حدة.

لقد صرحت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالقول «انا اعتقد ان تحدي روسيا للقيم التي نتشارك بها كاوروبيين امر واضح، كما ارى ان وقوفنا جنبا الى جنب في الدفاع عن هذه القيم امر صائب تماما».

كما ان دعم الاتحاد الاوروبي غير المشروط جدير بان يشار اليه على نحو خاص وذلك نظرا الى ما يقوم بينه وبين بريطانيا من خلافات على اثر خروج تلك الدولة الوشيك من الاتحاد. وهو ايضا من الامور غير المتوقعة نظرا لان عددا بسيطا من اعضاء الاتحاد الاوروبي، ومن ضمنها اليونان وهنغاريا، تميل الى الوقوف الى جانب روسيا في العديد من القضايا القائمة. وفي حين ان مزيدا من البلدان تفضل الحكم الشمولي مثل روسيا، ربما تتنبه اوروبا الى الحاجة الى تعزيز التزامها بنظام عالمي يستند الى القوانين، والقيم الديمقراطية التي تعد بمثابة دعائمه الراسخة.

ان قادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يخاف من وقوع انشقاق في موطنه، يحتاجون في غالب الاحيان الى خلق اعداء في الخارج. فمنذ عام 2014، قطعت روسيا اوصال اوكرانيا كما عمدت الى اختراق مراكز الحاسوب في بلدان اوروبية عدة. وقد تورطت ايضا في الاونة الاخيرة بحملة اغتيالات مدعومة من قبل الدولة، بالاضافة الى استعمال قوتها العسكرية في ترويع الغير.

غير ان مثل هذه التصرفات تعد بالاحرى علامات ضعف لا قوة. وعلى ضوء ذلك فان رد الفعل الذي يتبناه الاتحاد الاوروبي، في صورة مجموعة من الدول الديمقراطية، يشير الى قوة ما يحكمه من قيم في مقابل اي تهديد بالانتقام المادي. كما انه يشير الى مزيد من الاحتواء لروسيا، كما حدث في الحرب الباردة، في حين يبقي المجال مفتوحا امام الكريملين كي يعمد الى تغيير اساليبه. لقد انشئ الاتحاد الاوروبي بهدف وضع حد للحروب على ارض القارة الاوروبية. ويعتبر تمسكه بقيم حفظ السلام الجوهرية افضل دفاع يقوم به منذ مدة طويلة. حتى وان كانت بريطانيا على وشك الخروج، فلا بد انها قد لمست المبادئ التي يقوم عليها الاتحاد الاوروبي.

 
 

أضف تعليقك