عرض نتنياهو المسرحي بشأن برنامج ايران النووي يثير الاستهجان في واشنطن
 
 
عرض نتنياهو المسرحي بشأن برنامج ايران النووي يثير الاستهجان في واشنطن
 
 

واشنطن- “القدس” دوت كوم- سعيد عريقات- انشغلت العاصمة الأميركية واشنطن بعرض رئيس وزراء إسرائيلي بنيامين نتنياهو المسرحي يوم الاثنين، بشأن ما ادعى أنه “مساع إيرانية سرية لصنع قنبلة ذرية”، حيث تزاحم الخبراء على منابر الإعلام ومراكز الأبحاث المختلفة للاعراب عن استهجانهم من استعراض نتنياهو الذي وصفه كثيرون بانه اشبه بـ “سيرك”، فيما دافعت قلة عنه، وذلك أيام قليلة قبل حلول يوم 12 أيار 2018 حيث من المتوقع أن يقرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما إذا كان سينسحب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي أبرمته الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين الدائمين في مجلس أمن الأمم المتحدة زائد ألمانيا مع إيران في شهر تموز 2015 بعد عناء المحادثات التي دارت بين تلك الأطراف لسنوات عدة.

يشار إلى أن الرئيس ترامب عندما كان مرشحا للانتخابات الرئاسية عام 2016 وصف الاتفاق بانه “الأسوأ في التاريخ” وأنه فور انتخابه سيمزقه إرباً إربا.

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترامب يوم الثلاثاء، 1 أيار 2018 ، تقبلها لمزاعم إسرائيل بأن إيران أبرمت اتفاقاً نووياً مع القوى الكبرى في العالم تحت ذرائع زائفة، وهذا يعتبر اختلافا صارخا عما قاله حلفاؤها الأوروبيون من إن المزاعم الإسرائيلية لم تكشف إلا القليل من الأسرار الجديدة، وانها تؤكد الحاجة للحفاظ على اتفاق عام 2015، فيما رددت الإدارة الاميركية المزاعم التي اطلقها نتنياهو يوم الاثنين في عرض درامي، منسق مع البيت الأبيض لتمهيد الطريق لقرار الرئيس ترامب حول ما إذا كان سيمزق الاتفاق الذي تفاوض عليه سلفه باراك أوباما.

وكان ترامب قد هدد بإلغاء الاتفاق يوم 12 أيار إذا لم توافق بريطانيا وفرنسا وألمانيا على تعديلات شاملة.

واستشهد البيت الأبيض بعرض نتانياهو المسرحي، الذي استند فيه إلى وثائق ادعى أنها “سُرقت من مستودع إيراني خلال غارة ليلية في يناير الماضي” كدليل إضافي على عيوب الاتفاق، حيث قالت المتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، في مؤتمرها الإعلامي اليومي ان الاتفاق النووي الايراني “استند الى ادعاء باطل تماماً، وان إيران كذبت منذ البداية ولم تكن طرفاً نزيهاً… ومن ثم قام الاتفاق الذي تم التوصل إليه على حقائق غير دقيقة، وهو أمر يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لنا”.

وقالت ساندرز إن البيت الأبيض ناقش إطلاق هذه المعلومات الجديدة مع الإسرائيليين مقدماً، فيما قال مسؤول إسرائيلي كبير إن يوسي كوهين، رئيس وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) قد أبلغ ترامب بالعملية خلال زيارته إلى واشنطن، فيما أطلع نتنياهو وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو على التفاصيل في تل أبيب يوم الأحد الماضي.

وتوضح ردود الفعل المتباينة للغاية على عرض نتنياهو في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، الطريقة التي يمكن أن يدور فيها الجدل حول الاتفاق الإيراني إذا ما قرر ترامب إعادة فرض العقوبات على طهران. ولم يؤكد البيت الأبيض أن الوثائق تثبت بأن إيران انتهكت اتفاق عام 2015، لكن ساندرز جادلت بأنها تسلّط الضوء على نطاق الخداع الإيراني، وهو ما يقوض مبرر أوباما للتفاوض على الاتفاق.

وفي إشارة الى توجه الإدارة المتشدد تجاه إيران، قالت ساندرز “نعتقد أن الخطأ الأكبر الذي ارتُكب كان في عهد إدارة أوباما من خلال الدخول في المقام الأول في هذا الاتفاق”. ومع ذلك، لم يكن هناك أي مؤشر على أن عرض نتنياهو قد أثر في موقف القادة الأوروبيين الثلاثة -الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي- الذين يضغطون جميعاً على ترامب لعدم الانسحاب من الاتفاق.

من جهته رد جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي فاوض ووقع الاتفاق (يوم الثلاثاء، 1/5/18) على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الأخيرة حول الاتفاق النووي الإيراني وما وصفه بـ”كذب” إيران فيما يتعلق بالتزامها عبر سلسلة من التغريدات لكيري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، قائلاً “كل تفصيل قدمه رئيس الوزراء نتنياهو بالأمس كان سببا لاجتماع العالم على وضع عقوبات على إيران والتفاوض على اتفاق إيران النووي، لأن التهديد كان حقيقيا وكان لابد وقفه، وهو (الاتفاق) حقق ذلك ويعمل! ولهذا، فإن خبراء الأمن الإسرائيليين يقفون ويتحدثون” دعما للاتفاق.

وأضاف كيري في تغريدة منفصلة “لم يكن هناك مفاوضات، وهذا كله تغير مع الاتفاق النووي” محذرا “إنسفوا هذا الاتفاق وسنعود إلى هناك (المربع الأول) من الغد!”

واستشهد كيري بمقال نشره موقع أميركي موال لإسرائيل، نقلت فيه تصريحات لخبراء أمن إسرائيليين حول الاتفاق النووي وتداعيات انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران.

بدوره كتب ستيفن سايمون، المدير الأعلى لمجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (من 2011 إلى 2012،) مقالاً نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان “سراب نتنياهو النووي”، استهله بالقول، إنه “سرعان ما بات واضحاً أن الأسرار التي زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه كشف عنها يوم الاثنين حول تاريخ البرنامج النووي الإيراني كانت معروفة بشكل واسع النطاق بالفعل، وأنها تتعلق ببرنامج أسلحة قد إنهائه في عام 2003″.

واضاف “لقد تمت تغطية كل جوانب هذا البرنامج بالكامل في تقرير للاستخبارات الوطنية الأمريكية صدر عام 2007، خلص بوضوح إلى أنه /في خريف عام 2003، أوقفت إيران برنامجها للأسلحة النووية/”.

ويدعي نتنياهو عبر “الوثائق الإيرانية” التي استعرضها يوم الاثنين أنه على الرغم من توقف البرنامج، ظلت إيران تتطلع إلى استئنافه في المستقبل، وهذا أمر لا يكاد يثير الدهشة.

ويصر الكاتب على أن إيران تمتثل للاتفاق النووي الذي أبرمته بعد قرارها في عام 2015 بتعليق برنامجها النووي لمدة 10 سنوات من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية”وأن الحقيقة هي أن إيران لا تصنع الآن أي أسلحة نووية، بغض النظر عن الرغبة الكامنة لدى قادتها في القيام بذلك”.

ويوضح الكاتب أن السبب وراء العرض الدرامي الذي قدمه نتنياهو هو تهديد الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي، بزعم أنه كان “اتفاقا سياسيا” انتهت صلاحيته بانتهاء ولاية إدارة أوباما التي تفاوضت عليه.

وبالنظر إلى أنه سيكون لأعضاء الكونغرس رأي في إعادة فرض العقوبات على إيران إذا قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق يوم 12 أيار الجاري، فان عرض نتنياهو كان موجهاً أيضاً إليهم، حيث يقول الكاتب أنه على الأرجح “أن تكون إدارة ترامب قد تواطأت مع إسرائيل للتأثير في فهم الأميركيين لقضية استراتيجية رئيسية مع نهج قائم بالفعل”.

 

 
 

أضف تعليقك