تونس- “القدس” دوت كوم- أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الاثنين فك التوافق السياسي بينه وبين حزب النهضة الاسلامي بطلب من الأخير، في خطوة من الصعب أن تفتح المجال نحو إعادة مشهد الاستقطاب الثنائي قبل سنة من الانتخابات، وفقا لمحللين.
وقال الباجي في حوار متلفز بثته مساء الاثنين قناة الحوار التونسي (خاصة) إنه منذ الأسبوع الماضي “قررنا الانقطاع بطلب من النهضة”.
ويشكل الاعلان نقطة تحول في التوافق الاستراتيجي الذي تم اعتماده منذ أربع سنوات ولعب دورا هاما في مسار الانتقال السياسي في البلد الرائد في الربيع العربي.
ويقول المحلل السياسي سليم الخراط عن منظمة “بوصلة” لفرانس برس “تفصلنا أكثر من سنة عن موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، كل حزب له مصلحة في تعليق التحالف الذي أصبح صعب التحمل”.
وقد أكد الباجي أن الانتخابات المقبلة ستكون في موعدها في كانون الأول/ديسمبر 2019 بالرغم من أن حزبه الذي أسسه في 2012 لينافس به حزب النهضة، يواجه أزمة في قواعده.
وبدأت ملامح التباعد بين الحزبين تظهر جلية خلال الانتخابات البلدية الأولى في البلاد منذ الثورة في أيار/مايو الفائت، وخاصة من خلال عدم الإقبال على صناديق الاقتراع.
ويرى محللون أن إعلان الباجي لن يغير كثيرا في تفاصيل المشهد السياسي في البلاد ولن يعيد بالضرورة الصراع الذي كان قائما بين الطبقة السياسية في 2013.
وسارعت “النهضة” إثر تصريحات الباجي الى تأكيد تمسكها بالتوافق الذي قبلته منذ 2014 والاستمرار فيه.
وأوضح الناطق الرسمي باسم حزب النهضة عماد الخميري في تصريح لراديو موزييك (خاص) “النهضة ليست في قطيعة مع رئيس الجمهورية ومتشبثة بفكرة التوافق..الحركة كانت ولازالت حريصة على التوافق، وهناك مشكل حقيقي في إدارة الانتقال الديمقراطي لا يحل الا بالحوار”.
ويُبين الباحث في العلوم السياسية حمزة المؤدب أنها “ليست نهاية التوافق بين الاسلاميين والعلمانيين الذي أشعل فتيل الأزمة السياسية في 2013..هو صراع بين شيخين” الباجي قائد السبسي (91 عاما) مؤسس “نداء تونس” وراشد الغنوشي (77 عاما) مؤسس “حزب النهضة”.
وأوضح الباجي ان “النهضة” فضلت دعم حكومة يوسف الشاهد وتغيير الحليف.
ويواجه حزب “نداء تونس” أزمة سياسية حادة منذ أشهر، بين شقين، أحدهما يدعم يوسف الشاهد وبقائه في رئاسة الحكومة، والآخر يتزعمه حافظ قائد السبسي ينادي برحيله.
ويرى الخبير في مجموعة الأزمات الدولية مايكيل العياري ان السبسي “لم يعلن الحرب ضد النهضة..بل أقر ببساطة بأن الشاهد نجح في نيل استقلاليته”.
ويتابع العياري “أفضى إعادة تشكيل التوافق الى وجود رئيس وزراء بسلطة حقيقية، ورئيس دولة بدور ثانوي في التنفيذ أكثر ملائمة مع الدستور”.
ودعا الباجي في حواره الى ضرورة تنقيح الدستور بعد 2019 وذلك لأن تقاسم السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لم ينجح.
ويوضح الخرّاط ان الرئيس “أثنى على مزايا التوافق مع النهضة. وبرفضه لهذا التحالف، هو جهز تبعا لامكانيات تقارب لضرورة خلق التوازن”.
ويتابع الخراط “من الجيد انه لم تكن هناك دعوة للتصعيد في الخطاب السياسي والذي قد ينعش التوترات غير المرغوب فيها”.
ويرى المحللان انه ومع اقتراب السباق الانتخابي، هناك خشية من انحراف الحملات الانتخابية نحو مواضيع اجتماعية إضافة الى تفاقم الوضع الاقتصادي.
ويواجه التونسيون أوضاعا اقتصادية صعبة، فبالرغم من عودة نسبية للنمو، الا أن البطالة لا تزال في مستوى 15,4 في المئة ما يغذي تراكما لغضب شعبي منذ 2011.
ويخلص المؤدب الى أن “الكل بمن فيهم النهضة والنداء فشلوا في حل المسائل الاقتصادية والاجتماعية”.