رجال أعمال من فلسطين وإسرائيل يطرحون مبادرة لكسر الجمود ترتكز على حلّ الدولتين
 
 
رجال أعمال من فلسطين وإسرائيل يطرحون مبادرة لكسر الجمود ترتكز على حلّ الدولتين
 
 

الأيام 27-5-2013-1

رجال أعمال من فلسطين وإسرائيل يطرحون مبادرة لكسر الجمود ترتكز على حلّ الدولتين

البحر الميت (الأردن) ـ من جعفر صدقه وعبد الرؤوف ارناؤوط:
وجّه 200 من رجال الأعمال والمدراء التنفيذين الفلسطينين والإسرائيليين من كبرى الشركات نداء عاجلا لحكومتيهما لكسر الجمود الحالي في عملية السلام من أجل التوصل إلى حل الدولتين لإنهاء النزاع بين شعبيهما.
وقال أعضاء مبادرة كسر الجمود هذه، المُجتمعون في المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منطقة البحر الميت بالأردن خلال مؤتمر صحافي لاعلان المبادرة، بأنهم سيستخدمون نفوذهم وخبراتهم الجماعية في مجال الأعمال التجارية لإقناع القادة على الجانبين لبدء مفاوضات جادة بهدف التوصل الى اتفاق سلام.
ودعا أعضاء المبادرة، بدعم وتشجيع من المجتمع الدولي، القيادات الإسرائيلية والفلسطينية، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة إنعاش العملية السياسية من أجل انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وفي دعوتها للتحرّك نصّت المبادرة على أنّ:”الوضع الحالي يهدد الاقتصاد والنسيج الاجتماعي للدولتين، والذي قد يجعل حلّ الدولتين صعباً جداً. لهذا السبب فإننا ندعو القادة السياسيين
رجال أعمال
للمضي قدما بجرأة وشجاعة والتحلّي بروح الواجب التاريخي لتوفير رؤية شاملة ضرورية لحلّ كافة القضايا النهائية، وإنهاء المطالبات وتحقيق علاقات جوار طيبة وسلميّة بين الدولتين”
وكان كلّ من منيب المصري رئيس مجلس ادارة شركة فلسطين للتنمية والاستثمار المحدودة “باديكو القابضة” ويوسي فاردي رئيس مجلس إدارة مشاريع التقنيات العالمية قد أطلقا هذه المبادرة في ايار 2012، وقد عمل المنتدى الاقتصادي العالمي على تسهيل هذه المبادرة والتي تضم 200 من رواد رجال الأعمال الإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك المدراء التنفيذيين لبعض أكبر الشركات من الطرفين.
ومن بين الأعضاء الإسرائيليين مولي عدن رئيس إنتل إسرائيل؛ شلومي فوغل رئيس مجلس إدارة أمبا للاستثمارات؛ يادين كوفمان شريك في صندوق التعاون للشرق الأوسط؛ يوناتان كولبر الشريك العام في فيولا للأملاك الخاصة؛ بيني لاندا، مؤسس مجموعة نيلي ومجموعة لاندا، موشيه ليشتمان، شموئيل ميتار، مؤسس، مجموعة أوريك، أمدوكس؛ دان وجاد بروبر وافيغدور فيلنيز مؤسس، غاليليو للتكنولوجيا.
أما الأعضاء الفلسطينيون، فمنهم سمير حليلة، الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار “باديكو القابضة، رياض كمال، مؤسس شركة أرابتك للمقاولات، وزاهي خوري، الرئيس التنفيذي لشركة المشروبات الوطنية الفلسطينية.
وأكد منيب المصري خلال الاعلان عن المبادرة، امس، على أن كسر الجمود السياسي وتحقيق الحل العادل للقضية الفلسطينية يتطلب الشجاعة والرؤية والإصرار، وأضاف :يتوق الفلسطينيون للحرية والكرامة والاستقلال وإنهاء الاحتلال، وليس هناك أي خير في استمرار الجمود القائم، فهو لا يعني إلا المزيد من خطر استفحال الصراع مستقبلا مع استمرار الاحتلال. إن الغالبية العظمى من الفلسطينيين يريدون التمتع بالسلام والأمن في دولتهم التي تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بكرامة وحرية تامة، ولهذا فإننا ندعو قادة الدولتين إلى التحلي بالجرأة والتقدم تجاه حل عادل لإنهاء الصراع. وأود أن أوضح بأنه على الرغم من أننا نمثل عدداً كبيراً من أصحاب الأعمال والمشغلين في فلسطين، فإننا لا نرى أي فائدة من الحلول المؤقتة والمؤجلة، لا سيما ذات الطابع الاقتصادي البحت. فالحل الحقيقي للصراع هو الإسراع بالتعامل مع كافة قضايا الوضع النهائي من أجل إطلاق حقبة جديدة من السلام والأمل. ونحن كقادة في مجال الأعمال والاقتصاد؛ مستعدون للاستثمار في المستقبل ودعم القيادات السياسية بينما تتقدم هذه القيادات نحو وضع نهاية تاريخية لهذا الصراع.
أما يوسي فاردي، رئيس المجموعة الإسرائيلية في مبادرة كسر الجمود فقال: “أنا ممتن أن نخبة رجال الأعمال من كلا الجانبين يقفون يداً بيد من أجل تشجيع حكوماتهم على متابعة حل الدولتين للشعبين. لقد حان الوقت لشعوب هذه المنطقة أن تنعم بالسلام والأمن والرفاه والنمو والازدهار الاقتصادي”.
ومن جهته، قال كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي،: “إننا نفخر للإعلان عن مبادرة نخبة رجال الأعمال من فلسطين وإسرائيل المهمة هذه من خلال المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث أنهم أعربوا عن قلقهم من الجمود المستقبلي الذي يهددهم. سيواصل المنتدى تقديم دعمه لهذه المبادرة، كما وسيعمل مع جهات دولية أخرى لضمان تعزيزها والمحافظة على استمراريتها”.
وقال منيب المصري: لا يوجد لدينا شيء اسمه سلام اقتصادي، فالحل الذي نريده هو سياسي بامتياز وهو حل الدولتين على اساس دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على اساس قرار 194 كما نصت على ذلك مبادرة السلام العربية “.

القصة الكاملة للإعلان المشترك
الاعلان المشترك جاء ليتوّج جهدا استمر لاكثر من عام تخلله نحو 20 لقاء عقدت بعيدا عن وسائل الاعلام، في الاراضي الفلسطينية واسرائيل والخارج.
وقال منيب المصري: ان هذه المبادرة بدأت في دورة المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا، التي عقدت في اسطنبول قبل اكثر من عام، “وعبرنا لرئيس ومؤسس المنتدى شواب عن امتعاضنا الشديد لتراجع القضية الفلسطينية الى المراكز الاخيرة في اجندة المنتدى خلال السنوات الاربع الماضية، وطلبنا عمل شيء ما كأن يتبنى المنتدى افكارا كتشكيل تجمع يضم رجال اعمال وممثلين عن المجتمع المدني في الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بهدف الضغط على الاطراف، وتحديدا الحكومة الاسرائيلية، للتعامل مع عملية السلام بجدية لانقاذ حل الدولتين”.
واضاف: كان شواب مترددا في البداية ادراكا منه لصعوبة الموقف والمآل الذي الت اليه عملية السلام بفعل التعنت الاسرائيلي، وطلب مهلة للتفكير، لكنه عاد في اليوم التالي ليبلغنا بموافقته على ان يكون المنتدى مظلة لهذا التجمع، ويأخذ زمام المبادرة، مشترطا ان يتم العمل بشكل هادئ وبعيدا عن الاعلام الى حين الوصول الى نقطة نكون فيها واثقين بانه يمكن عمل شيء ما، وحتى يتسنى جمع اكبر عدد ممكن من الجانب الاسرائيلي، وهذا ما حصل فعلا على مدى عام كامل، الى ان وصلنا الى هذا الاعلان اليوم، بوجود اكثر من 150 شخصية قيادية من قطاع الاعمال والمجتمع المدني الاسرائيلي”.
حين بدأت العملية في اسطنبول، قال المصري، كان الوضع في غاية الصعوبة، ولا افق لعملية السلام، اضافة الى ما يشكله الانقسام من عبء ثقيل على القضية الفلسطينية، ربما اقسى من الاحتلال نفسه، ولم تنجع جهودنا في التقريب بين حركتي فتح وحماس لانهاء هذا الوضع المؤلم.
واضاف: في هذه الاثناء، حصل تطوران مهمان، الاول الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة، وصمود غزة في وجه العدوان الاسرائيلي الاخير، تبعهما حودة الجهود الاميركية لاحياء عملية السلام، هذا كله اضافة لاحداث الربيع العربي.
منذ انطلاق هذه العملية في اسطنبول، عقد الجانبان، تحت مظلة المنتدى الاقتصادي العالمي، نحو 20 اجتماعا في اماكن مختلفة، منها اجتماع اثار جدلا واسعا في الشارع الفلسطيني، عقد في منزل المصري نفسه في نابلس، بحضور امين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى، ورئيس الوزراء الاردني الاسبق عبد السلام المجالي، وشخصيات عربية وتركية، ولكونه بعيدا عن الاعلام، فهم على ان هدفه اقامة علاقات ذات طابع تجاري بين رجال الاعمال من الجانبين.
لكن المصري أكد ان “الموضوع سياسي بامتياز، ولا علاقة له بأي نشاط اقتصادي، بل على العكس من ذلك، كنا واضحين لنظرائنا الاسرائليين بانه لا يوجد شيء اسمه سلام اقتصادي، والقوة الاقتصادية التي يشكلها الفلسطينيون والاسرائيليون لا يمكن ان تكون مفيدة للشعبين الا بإنجاز حل سياسي يتيح اقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة”.
وتابع: سقفنا دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي المحتلة في العام 1967، وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلا عادلا وفق قرارات الشرعية الدولية . وهذا سقف الرئيس الراحل ياسر عرفات والذي لا ليس بمقدور اي فلسطيني تجاوزه”.
رجال الاعمال الفلسطينيون، حسبما قال المصري وسمير حليله ويحيى ابو شاور، والاخير رجل اعمال من الخليل، في لقاء مع الصحافيين الفلسطينيين المشاركين في المنتدى بمنتج البحر الميت على الجانب الاردني، ركزوا في كل الاجتماعات مع نظرائهم الاسرائيليين على مسألة واحدة، مفادها” ان الوضع في غاية الصعوبة، واذا لم تعد الحكومة الاسرائيلية عن تعنتها، سنبحث عن خيار اخر، فاما ان تنفجر انتفاضة ثالثة تكون اعنف واشد من سابقتيها، واما العودة الى خيار الدولة الواحدة ثنائية القومية، وهو امر نعرف انه مرعب ويشكل هاجسا للاسرائيليين”.
وقال المصري: هذه هي الرسالة التي نريد ايصالها للمجتمع الاسرائيلي، خصوصا في ظل توجه الرأي العام العالمي لعزل اسرائيل والتعامل معها كدولة عنصرية، وهو امر مرعب لهم، وهذا ما لمسناه من ردة فعل نظرائنا الاسرائيليين.
واضاف: لاول مرة يدخل في جهد كهذا اناس من المجتمع المدني الاسرائيلي يهمهم الوصول الى حل، كما انها المرة الاولى التي نتحدث فيها مع رجال اعمال يشكلون مراكز نفوذ مهمة في اسرائيل . الموضوع ليس سلاما اقتصاديا، وانما جهد سياسي لانقاذ حل الدولتين، وقلنا لهم بوضوح: العمل الاقتصادي والمشاريع المشتركة غير واردة ما لم ينته الاحتلال.
بحسب المصري وحليله وابو شاور، فان الجانب الاسرائيلي من هذه المبادرة يضم رجال اعمال من الصف الاول، واساتذة جامعات، ومدراء شركات كبرى.
وقال المصري: بدأنا هذه المبادرة مع خمسة اسرائيليين فقط، اليوم وصل عددهم الى اكثر من 150 شخصية يمثلون نحو 25% من قوة الاقتصاد الاسرائيلي، وهم يستهدفون جمع عدد اكبر يمثل اكثر من 50%.
وقال ابو شاور: الهدف يتلخص بالوصول الى قناعة بأنه اذا لم تقم دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس في هذه المرحلة تحديدا، سينتهي الامر بدولة ثنائية القومية. هدفنا ايجاد الضغط اللازم من داخل المجتمع الاسرائيلي على الحكومة الاسرائيلية لوقف تدهور حل الدولتين.
من جهته، قال حليله ان هناك جهلا شبه تام في المجتمع الاسرائيلي لحقيقية ما يجري، وليس لديهم سوى ما تقوله الحكومة الاسرائيلية . هذا يحتاج الى مخاطبة المجتمع الاسرائيلي، بكل شرائحه، وتعرية مواقف حكومتهم . هذه المبادرة هي احدى ادوات هذا الخطاب، لكنها لا تكفي، ولا بد من تناغم مع الجهد الفلسطيني على المستويات الاخرى، كالقايدة الفلسطينية والفصائل، وتحديدا في موضوع عزل الحكومة الاسرائيلية وتعريف العالم بحقيقتها العنصرية . اذا لم تتكامل وتتناغم كل هذه الجهود، فلا سبيل الى النجاح.
ولفت حليله الى ان مجموعة من رجال الاعمال الاسرائيليين المنخرطين في هذه المبادرة تعهدوا بالضغط لاحياء عملية سلام ذات مرجعية واضحة وسقف زمني، “وبالفعل، فقد التقوا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وابلغوه هذه الرسالة”.
وتابع: حتى نؤثر في المجتمع الاسرائيلي، علينا الدخول في نقاش مع مختلف الشرائح حول كل القضايا المختلف عليها حتى لا يبقى رهينة موقف الحكومة الاسرائيلية.
المصري اكد ان القيادة الفلسطينية، وتحديدا الرئيس محمود عباس على اطلاع تام على الجهود، بل يباركها.
وقال: في اخر اجتماع موسع للقيادة الفلسطينية قبل عدة اشهر، تم تشكيل لجنتين، الاولى لمتابعة موضوع المصالحة وانهاء الانقسام، منسقها امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، والثانية للتواصل مع المجتمع الاسرائيلي بكل شرائحه مقررها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني، وكل عضو فيها كلف بالاتصال مع قطاع محدد من المجتمع الاسرائيلي، واسندت لي مهمة الاتصال بالقطاع الخاص.
لكن المصري اكد بان المنخرطين في هذه المبادرة عن الجانب الفلسطيني، ليسوا مفاوضين، و”انما هدفنا تحريك المجتمع الاسرائيلي للضغط على حكومته للتعاطي مع عملية السلام بجدية، وانقاذ حل الدولتين، والا فان البديل لن يكون في صالحهم”.

 
 

أضف تعليقك