مفاوضات الـ”تسعة أشهر” تنطلق من واشنطن
 
 
مفاوضات الـ”تسعة أشهر” تنطلق من واشنطن
 
 

مفاوضات الـ”تسعة أشهر” تنطلق من واشنطن

اوباما يرى انها “واعدة” وليفني تتوقعها “شاقة ومعقدة” وكيري يصفها بـ”الصعبة”

واشنطن – وكالات – حثت الولايات المتحدة امس الاسرائيليين والفلسطينيين على التفاوض بـ”حسن نية” تمهيدا للتوصل الى “تسوية معقولة” قبل بضع ساعات من استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين لمدة تسعة اشهر على الاقل. وتوقعت وزيرة القضاء الاسرائيلية تسيبي ليفني التي تترأس الوفد الاسرائيلي المفاوض بأن تكون المفاوضات “شاقة جدا ومعقدة”، اما وزير الخارجية الاميركي جون كيري فقال ايضا ان “العملية ستكون صعبة” وحث الاسرائيليين والفلسطينيين على التوصل الى “تسوية معقولة” لانهاء هذا النزاع الطويل. وعين كيري موفدا خاصا لعملية السلام في الشرق الاوسط هو السفير الاميركي السابق في اسرائيل مارتن انديك.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي ان الطرفين توافقا على اجراء مفاوضات لتسعة اشهر على الاقل. وقالت “انها بداية مفاوضات مباشرة وفق جدول زمني لتسعة اشهر على الاقل”.
وبعد ستة عقود من النزاع وتعثرات متكررة في مسيرة عملية السلام المعقدة، رحب الرئيس الاميركي باراك اوباما باستئناف هذه المفاوضات معتبرا انها لحظة “واعدة”، الا انه حذر في الوقت نفسه من “خيارات صعبة” تنتظر الطرفين. وقال اوباما في بيان ان “الاكثر صعوبة لا يزال امامنا في هذه المفاوضات، وآمل ان يدخل الاسرائيليون والفلسطينيون هذه المحادثات بحسن نية وتصميم واهتمام كبير”.
وستستأنف محادثات السلام المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين فجر اليوم في واشنطن للمرة الاولى منذ توقفها في ايلول 2010 بعد ثلاثة اسابيع فقط على استئنافها بسبب مواصلة اسرائيل للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
واعرب اوباما الذي وضع حل النزاع في اولوية سياسته الخارجية مع بدء ولايته الاولى في كانون الثاني 2009 قبل ان تبوء جهوده بالفشل في هذا المجال، عن “سعادته” لأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس محمود عباس وافقا على استئناف التحاور وارسال مفاوضين الى واشنطن.
وقال اوباما “انها خطوة واعدة الى الأمام حتى وان كان الامر سيتطلب عملا شاقا واتخاذ خيارات صعبة في المستقبل”.
وأكد الرئيس الاميركي الذي قام باول زيارة له الى اسرائيل والضفة الغربية في آذار، انه “شعر شخصيا (اثناء الزيارة) برغبة السلام العميقة لدى الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”. وهذه الزيارة بحسب اوباما انتهت باقتناعه بان “السلام ليس ممكنا وحسب، وانما ضروري”.
وقال الرئيس الاميركي ان “الولايات المتحدة مستعدة لدعم (الطرفين) طيلة فترة المفاوضات بهدف التوصل الى دولتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وأمن”.
اما وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي تمكن قبل عشرة ايام من اقناع الطرفين باستئناف المفاوضات بعد ان قام بست زيارات الى المنطقة، فقال ايضا ان “العملية ستكون صعبة” وحث الاسرائيليين والفلسطينيين على التوصل الى “تسوية معقولة” لانهاء هذا النزاع الطويل. وعين كيري موفدا خاصا لعملية السلام في الشرق الاوسط هو السفير الاميركي السابق في اسرائيل مارتن انديك الذي قال بانه لا يزال “مقتنعا منذ 40 عاما ان السلام ممكن”.
من جهتها توقعت وزيرة القضاء الاسرائيلية تسيبي ليفني التي تترأس الوفد الاسرائيلي المفاوض بأن تكون المفاوضات “شاقة جدا ومعقدة”.
وقالت ليفني في تصريح صحفي بعدما التقت في نيويورك الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قبيل توجهها الى واشنطن “سيكون الامر شاقا جدا ومعقدا”. لكنها تداركت ان اسرائيل ستخوض هذه المفاوضات التي ترعاها واشنطن “بأمل” وسيتم الافراج خلالها عن اسرى فلسطينيين وهو امر سبق ان تم التفاوض في شانه مع الولايات المتحدة والقادة الفلسطينيين.
واعتبرت ليفني ان جهود السلام “هي في مصلحة اسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي والمجتمع الدولي”، مضيفة “انها مسؤولية كبيرة. انا واثقة بان الامر سيكون معقدا، لكنني اشعر بانه حين نرى الاضطرابات في منطقتنا فان ما نستطيع القيام به هو تغيير مستقبل الاجيال المقبلة عبر صنع السلام بين اسرائيل والفلسطينيين”.
ورحبت ليفني ايضا بتعيين وزير الخارجية الاميركي جون كيري للسفير السابق في اسرائيل مارتن انديك موفدا للولايات المتحدة في هذه المفاوضات، وقالت “اهنئه (انديك)، وفي الوقت نفسه لا ادري ما اذا كان ينبغي تهنئته لان الامر سيكون شاقا جدا ومعقدا، لكنه يتمتع بما يكفي من الموهبة لمواجهة هذه التحديات وهو ملم جيدا بالنزاع”.
واوضحت ليفني انه سيتم الافراج عن 104 اسرى فلسطينيين “خلال المفاوضات كما سبق ان تم التوافق عليه، سنفي بالتزاماتنا انسجاما مع ما تم التوصل اليه مع الولايات المتحدة والفلسطينيين”.
ونقل متحدث باسم الامم المتحدة عن بان كي مون دعمه “لاستئناف مفاوضات ذات صدقية لتنفيذ حل الدولتين”، و”امتنانه للقرار الشجاع الاخير الذي اتخذه رئيس الوزراء (الاسرائيلي) بنيامين نتانياهو في هذا الاطار”.
واضاف المتحدث ان كي مون “شدد على اهمية توفير مناخ ملائم لاستئناف هذه المحادثات وشجع الجانبين على اتخاذ قرارات جديدة في هذا الاتجاه”.
اما الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس فاعتبر ان موعد بدء هذه المفاوضات هو “يوم خاص جدا” للشرق الاوسط، مضيفا “الشرق الاوسط في وضع عاصف. نامل في ان يتجاوز العاصفة ويرسو في ميناء السلام”.
وستبدأ المحادثات بين الاسرائيليين والفلسطينيين في وقت لاحق في العاصمة الاميركية على ان تتواصل الثلاثاء والهدف منها “وضع خطة عمل تحدد كيفية اجراء المفاوضات خلال الاشهر القليلة المقبلة”، حسب وزارة الخارجية.
الا ان انطلاقة هذه المفاوضات تبدو هشة: فقرار الحكومة الاسرائيلية بالموافقة على اطلاق سراح 104 اسرى فلسطينيين معتقلين قبل العام 1993 والذي رحبت به السلطة الفلسطينية، جوبه بمواقف رافضة في اسرائيل.
وقال صائب عريقات رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض لوكالة فرانس برس “نرحب بقرار الحكومة الاسرائيلية الافراج عن الاسرى المعتقلين قبل اتفاق اوسلو ونعتبرها خطوة هامة ونأمل ان نتمكن من استغلال الفرصة التي وفرتها الجهود التي بذلتها الادارة الاميركية بالتوصل الى اتفاق سلام دائم وعادل وشامل بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي”.
اما صحيفة “يديعوت احرونوت” فعنونت صفحتها الاولى في عدد امس “سيطلق سراح المجرمين”. واعتبرت صحيفة “معاريف” بعد ان نقلت ان من بين الذين سيفرج عنهم من ادينوا بقتل نساء واطفال اسرائيليين، ان “الحكومة الاسرائيلية اختارت كالعادة اسوأ الحلول”.
وقال سيلفان شالوم الوزير الاسرائيلي والعضو في حزب الليكود اليميني لراديو الجيش الاسرائيلي إنه سيجري هذه المرة “التفاوض في ذات الوقت على كل القضايا التي تمثل محور أي اتفاق دائم”.
وقال ياسر عبد ربه المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية إن خطاب الدعوة الذي أرسلته الولايات المتحدة لحضور محادثات واشنطن لم يحدد أي النزاعات التي سيجري بحثها. لكن عبد ربه قال لإذاعة صوت فلسطين “من حيث المبدأ صحيح أن يبدأ البحث في قضايا الحدود والأمن.”
وقبل استئناف المحادثات كان نتنياهو يقاوم نداءات عباس بقبول صيغة حدود 1967. وقال شالوم إن الموقف الاسرائيلي سيساعد على جعل المحادثات شاملة. ومن المقرر أن تستغرق المحادثات تسعة أشهر.
وقال شالوم “هب أنه تم التخلي عن قضية الحدود والأرض فما الحافز الذي كان سيصبح لديهم (الفلسطينيون) ليقدموا تنازلات في قضية اللاجئين أو القدس”؛ حسب قول شالوم.
وقال عبد ربه إن الولايات المتحدة واسرائيل تتحاوران بشأن الوضع الامني دون إشراك الفلسطينيين. وأضاف “هذا نقص وخلل كبير في السلوك الاميركي والاسرائيلي لانهم لا يبحثون في امنهم الثنائي ولكن في قضية مركزية وأساسية بالنسبة لنا وهي تمس مستقبلنا بأكلمه اسمها امن الشعب الفلسطيني ومستقبل شعبنا فوق ارض وطنه”.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الاميركية “ستكون اجتماعات واشنطن إيذانا ببدء هذه المحادثات… ستكون فرصة لوضع خطة عمل إجرائية حول كيفية مضي الطرفين قدما في المفاوضات خلال الأشهر القادمة”.

 
 

أضف تعليقك