“التصاريح” تفضح “جشع” التجار: أسعار الملابس في تل أبيب أرخص من رام الله!
 
 
“التصاريح” تفضح “جشع” التجار: أسعار الملابس في تل أبيب أرخص من رام الله!
 
 

الحياة 5-8-2013-23

 

المواطنون انفقوا ما لا يقل عن 50 مليون شيقل في الأسواق الاسرائيلية 

التصاريح” تفضح “جشع” التجار: أسعار الملابس في تل أبيب أرخص من رام الله! 

رام الله – الحياة الاقتصادية – منتصر حمدان- ماذا يعني شراء مواطنة فلسطينية لجميع أغراض وملابس أطفالها الخاصة بعيد الفطر السعيد من اسرائيل بأقل من نصف الثمن الذي تدفعه لشراء هذه الأغراض من المحال التجارية في رام الله؟!
ذلك حدث ويحدث مع آلاف المواطنين الذين حصلوا على تصاريح الدخول الى الخط الأخضر لتتاح لهم فرصة أن يكونوا على تماس مباشر مع التجار والبضائع في المحال الاسرائيلية، وسط صدمة الأهالي من التباين الكبير في أسعار السلع اضافة الى النوعية التي يمكن ان يحصلوها عليها بأسعار لم يتوقعوها.
مشاهدات اغلبية المواطنين الذين اتيح لهم فرصة الدخول الى مدن داخل الخط الأخضر، وطبيعة أسعار السلع في المحال التجارية الاسرائيلية، تثير سلسلة من التساؤلات التي يجب على المسؤولين وكبار التجار والموردين الاجابة عليها، واول هذه الاسئلة هل يعقل ان تكون اسعار السلع في رام الله اغلى بثلاثة اضعاف من سعر السلع في المدن الاسرائيلية؟
كبار المسؤولين في السلطة الوطنية رأوا ان سياسة منح التصاريح الاسرائيلية للمواطنين في الضفة هدفت بالأساس الى تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال اتاحة المجال للآلاف من المواطنين الوصول الى المدن الرئيسية والمحال التجارية في اسرائيل، لكن الحقيقة والاستنتاج الذي خرج به اغلبية ممن التقتهم وتحدثت معهم” الحياة الاقتصادية ” يعبرون عن استيائهم الشديد وصدمتهم ازاء انخفاض أسعار السلع في المحال التجارية مقارنة مع السلع في اسواقنا المحلية وتحديدا في مدينة رام الله والبيرة.
ان ادخال المواطنين في عملية مقارنة اسعار السلع وطبيعة الأموال التي يحتاجونها للانفاق في المناسبات مثل عيد الفطر المقبل، تدفعهم لاكتشاف مستوى الخديعة التي يتعرضون لها من قبل تجارنا منذ سنوات طويلة تبعت اغلاق اسرائيل للاراضي الفلسطينية ومنع دخول الفلسطينيين الى داخل الخط الاخضر، خاصة عندما يتعلق الأمر بأسعار الملابس على وجه الخصوص.
وتقول احدى المواطنات التي حصلت على تصريح لدخول القدس المحتلة وبقية المدن داخل الخط الاخضر:” انها فضيحة لتجارنا .. انا كنت اشتري ملابس اطفالي من اسواق رام الله بأسعار مرتفعة، ولكني عندما توجهت لمحال تجارية في مدن اسرائيلية وجدت الملابس نفسها ولكن فرق السعر اقل بثلاثة اضعاف عن رام الله واسواقها“.
واضافت:” الأمر لا يصدق ولا يمكن تبرير ما يقوم به تجارنا من استغلال للمواطنين، وعلى المؤسسات الرسمية في السلطة التحرك لوقف استنزاف اموال المواطنين من جيوبهم“.
وحسب ما اعلنته وزارة الشؤون المدنية فإن قرابة 250 الف مواطن حصلوا على تصاريح لدخول القدس والخط الاخضر، ما يعني ان ملايين الشواقل جرى انفاقها في اسرائيل وحرمت منها اسواقنا، لكن في المقابل فإن المواطنين يرون بأن هذا الانفاق لشراء الملابس والسلع الاخرى من المحال الاسرائيلية يعتبر منخفضا مقارنة مع انفاقها في السوق المحلية بسبب ارتفاع الأسعار ومضاعفتها من قبل التجار المحليين الذين يعتمدون بالاساس على شراء هذه السلع من السوق الاسرائيلية.
ارقام التصاريح التي وصلت الى 250 الف تعني ماليا مبالغ طائلة فاذا اتيح لكل حامل تصريح انفاق ما قدره 200 شيقل في الحد الادنى في الاسواق الاسرائيلية فإن ذلك يعني انفاق قرابة 50 مليون شيقل في شهر رمضان المبارك وحده على اقل تقدير. 
ويؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك ، صلاح هنيه، وجود اشكالية واضحة في هذا المجال خاصة فيما يخص سلع الملابس والأحذية وارتفاع اسعارها في اسواقنا المحلية في حين يجري اعلان تخفيضات وعروض في اسرائيل.
ويلوم هنيه وزارة الاقتصاد الوطني والجهات ذات العلاقة في السلطة الوطنية لعدم فرض رقابة حقيقية على الأسعار ما يفتح المجال امام التجار لتحديد الأسعار دون النظر الى القوة الشرائية لدى المواطنين او حتى ربطها مع معدلات الدخل للافراد في مجتمعنا.
واشار هنية الى أن التجار المحليين يجلبون البضائع والسلع اما من اسرائيل او عبر الاستيراد بأسعار منخفضة لكنهم في الوقت ذاته يقومون برفع الأسعار كل حسب سياسته التجارية ودون النظر حتى الى الاسعار في اسرائيل.
ووصف هنيه ما يجري انه تفريغ لجيوب المواطنين بطريقة غير منطقية من خلال وضع الأسعار للسلع بطريقة خارج اطار الرقابة او حتى القدرة الشرائية للزبائن.
ويتفق هنيه مع آراء المواطنين بان منح التصاريح كشف فجوة الاسعار الكبيرة للسلع بين الاسواق الاسرائيلية والاسواق المحلية، الأمر الذي يستدعي العمل من اجل وضع سياسة رسمية واضحة لمنع استغلال المواطنين .
في المقابل فان العديد من التجار في مدينة رام الله اشاروا الى ان المشكلة ليست مرتبطة فقط بتكلفة السلعة المستوردة سواء من اسرائيل او من الخارج بل ان الامر مرتبط بمجموع النفقات التي يتوجب عليهم تسديدها.
وقال احد اصحاب محلات الملابس في رام الله:” اجرة المحل التجاري في رام الله تصل الى الاف الدورات في السنة، في حين انه اذا اردت شراء محل تجاري في رام الله فانك ستجد نفسك امام دفع مئات الالاف من الدولارات “كخلو للمحل“.
وتابع:” الضرائب المفروضة على التجار تعتبر كبيرة إضافة إلى تكاليف الكهرباء والمياه والهاتف وتسديد رسوم البلدية وتوظيف الموظفين والعمال“.
واضاف:” اذا لم نرفع الأسعار فكيف سيكون بمقدورنا تسديد ما علينا من التزامات ونفقات مالية؟“.
ما يقوله التجار يكشف حقيقة ان النفقات والمصاريف التي يدفعونها لقاء فتح محالهم التجارية تجمع من جيوب المستهلكين الذين يشترون سلعا بأضعاف اسعارها الحقيقية ، الامر الذي يثير التساؤلات حول جدية عمل مؤسسات وجمعيات حماية المستهلك لحماية المستهلكين من الطمع والجشع.
ويتفق مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، عمر قبها، مع اهمية وضع سياسة اقتصادية لتحديد هامش واضح لربح التجار وعدم ترك الامور لرغباتهم، موضحا أن الغلاء الذي تعيشه محافظة رام الله والبيرة غير مسبوق ويعرض المواطنين لاستغلال فاحش.
وقال قبها:” اذا ما رفعت أسعار السلع فإن التجار يبادرون الى رفع كل السلع لكن حينما يتم خفضها فإنهم لايبادرون بتزيل اسعار السلع”، موضحا انه من خلال متابعة اسعار بعض السلع في اسرائيل يجد ان سعر السلعة 20 شيقلا لكنها تباع في رام الله 200 شقيل رغم ان هذه السلع يتم توريدها لأسواقنا من الاسواق الاسرائيلية.
وقال قبها:” طلبنا من مجلس الوزراء تحديد هامش لربح التجار بنسبة (10 -15%) لكن ما يجري الآن هو التجار يسعون الى تحقيق ربح بنسبة تصل الى 400% “، الامر الذي يجعل المستهلك الفلسطيني يتجه للسوق الاسرائيلي هربا من اسعار اسواقنا المحلية.

 

 
 

أضف تعليقك